فيما تستمر الهدنة الأميركية الروسية الأردنية المفروضة على مناطق جنوب غربي سورية، يواصل النظام السوري شن غاراته الجوية على حي جوبر في العاصمة دمشق وبلدة عين ترما الخاضعين لسيطرة المعارضة، والمشمولين باتفاق مناطق خفض التوتر. وأوضح نشطاء من المعارضة المسلحة، أن النظام والميليشيات الموالية له، يسعيان إلى فصل البلدة عن الحي الذي يعد البوابة الرئيسية للعاصمة دمشق نحو الغوطة الشرقية، بهدف فرض الحصار عليه، مشيرة إلى أن القصف الجوي يسفر بشكل يومي عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. مخاوف التصادم تعالت أصوات الخبراء بضرورة إيجاد أرضية مشتركة لتجنب صدامات القوى في الساحة السورية، في وقت كثفت القوات الأميركية من ضرباتها العسكرية ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له منذ صعود الرئيس دونالد ترمب إلى سدة الحكم مطلع العام الحالي. وكانت توقعات الخبراء قبل الاتفاق الأميركي الروسي الأخير، تتمحور حول إمكانية تصادم القوات الروسية والأميركية، خاصة بعد الضربات الجوية المتكررة التي نفذها التحالف الدولي ضد قوات النظام التي هاجمت قاعدة التنف الحدودية مع الأردن. وتختلف مصالح النفوذ بين القوى الموجودة في سورية بحسب توجهاتها وأهدافها، حيث تسعى إيران عبر ميليشياتها للسيطرة على مناطق حدودية بين العراق وسورية لتنفيذ مشروعها التوسعي، فيما ترى روسيا مصالحها تتمركز في العاصمة دمشق والسواحل السورية، في وقت تتقدم الميليشيات الكردية في مدينة الرقة لطرد مقاتلي تنظيم داعش منها، وتحاول إقامة كيانات منفصلة لها. سد الفراغ ترى تقارير وجود خطورة حول الفراغ الذي سيخلفه تنظيم داعش في كل من الموصل العراقية والرقة السورية، حيث تستفيد طهران من التقدم الذي تحرزه القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي في الأراضي العراقية، وفي حال تمددها قد تستغني عن هذا الدعم، وتبدأ بتوسيع نفوذها على المؤسسات العسكرية والمدنية. من جانبها، تخشى إيران من خطوة إقدام الميليشيات الكردية لبسط سيطرتها على مدينة الرقة السورية، وإنشاء إقليم كردي مستقل يضاهي إقليم كردستان في العراق، ويمكن أن تهاجم ميليشياتها المدن المحررة وتتصادم مع الأكراد. ما بعد التحرير يضع الخبراء السياسيون سيناريوهات وجود النفوذ الإيراني في سورية، خاصة بعد الاتفاق الأميركي الروسي الأردني الذي قوض جزئيا من نفوذها في الجنوب الغربي السوري، وقطع الطرق البرية التي كانت تخطط للتمدد فيها لربط الحدود الدولية. ومن ضمن التوقعات المستقبلية فقد يتم تحجيم نفوذ الميليشيات الإيرانية شرق وجنوب غربي سورية، بحكم وجود التنظيمات المتشددة في الشرق، والهدنة المفروضة في الجنوب الغربي. كما يتبقى لطهران سيناريو الانتقال إلى الشمال السوري، وهو أمر يصعب عليها، باعتبار سيطرة الفصائل المعارضة المسلحة عليها بدعم تركي كامل، في حين يعتبر الساحل السوري والعاصمة دمشق تحت سيطرة الروس بشكل كبير. ويفسر مراقبون تجنيد إيران لأطفال البادية السورية والسيطرة على القواعد الجوية القريبة منها، استماتة كبيرة منها لتجنب تحجيمها، ومحاولة السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي قبل حصول اتفاق دولي يقوض لها النفوذ الذي خططت له لعقود سابقة.