«هل رأيتم كيف أُعلّم الرئيس أن يقف ويصافح»، بهذه الكلمات أبدى أمير دولة قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني سخريته من رئيس تونس المؤقت السابق، المنصف المرزوقي، وذلك خلال زيارة الأمير القطريلتونس عام 2012. وسادت موجات غضب من نشطاء ومواطنين تونسيين على تصرفات الأمير السابق تجاه رئيس دولة عربية، معتبرين أن المرزوقي لا يعدو كونه ذراعا مطيعة لأذرعة قطر التي بنتها في الشمال الإفريقي عقب أحداث ما يعرف بالربيع العربي. ولم يلتزم المرزوقي الذي أطاحت به انتخابات 2014 الرئاسية لصالح الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، الصمت أو الحياد إزاء قرار دول عربية وإسلامية قطع علاقاتها مع دولة قطر، بل دعا سلطات بلاده إلى التحرك من أجل إنهاء ما أسماه محاصرة قطر، وهو ما عده مراقبون تدخلا صارخا في عمل الحكومة التونسية بعد أن خرج منها دون رجعة. المال القطري يشير محللون إلى أن المنصف المرزوقي كان الورقة الوحيدة التي راهنت عليها قطر في منطقة الشمال الإفريقي لتمرير سياساتها، وذلك بعد أن مُنيت الحركات الإخوانية بخسائر كبيرة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بعد تسلمها مقاليد الحكم في دول المنطقة. واستطاعت الأموال القطرية استجلاب المرزوقي وعدد من الموالين له عبر المنابر الإعلامية والمراكز البحثية المختلفة، وذلك للدفاع باستماتة عن الدور القطري في تونس والشمال الإفريقي عموما، ومهاجمة السلطات التونسية بشكل مستمر. كما خططت قطر بالعمل على التغلغل داخل المؤسسات التونسية، تحت غطاء جمعيات خيرية وتبرعات مالية، وذلك لتمويل الشبكات التي أشرفت على تسفير الشباب التونسي عبر ليبيا ومرورا بتركيا وانتهاء بسورية، للقتال ضمن الجماعات المتشددة. جمعيات مشبوهة في غضون ذلك، قامت رئاسة الحكومة الحالية بقيادة يوسف الشاهد، بحل وسحب تراخيص نحو 117 جمعية منذ فترة حكومة علي العريض التابعة لحركة النهضة، ومرورا بمهدي جمعة والحبيب الصيد، وانتهاء بيوسف الشاهد. وضمن الجمعيات التي وقع حلّها، جمعية «تونس الخيرية» الذراع التونسية لجمعية «قطر الخيرية»، المصنفة ضمن قوائم الإرهاب التي أصدرتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر مؤخرا. وتعود جمعية تونس الخيرية إلى عبدالمنعم الدايمي، وهو شقيق القيادي في حزب المنصف المرزوقي عماد الدايمي، وأحد الوجوه المدافعة عنه، في وقت وجهت اتهامات إلى هذه الجمعية بتلقيها أموالا مباشرة من قطر، وهو ما يتعارض مع قانون الجمعيات في تونس. وبحسب المصادر داخل رئاسة الحكومة، فقد تم إبلاغ الجمعية المذكورة بإصدار كشوفات واضحة لمصادر التحويلات المالية الخارجية، إلا أنها رفضت الكشف عن ذلك، وهو ما يؤكد تلقيها أموالا قطرية بشكل مباشر. شخصيات مشبوهة استعانت منابر الإعلام القطرية والأذرع الموالية لها، بعدة شخصيات سياسية وصحفية تونسية موالية للمرزوقي، وذلك في إطار الدفاع عن السياسة القطرية وإخراجها بدور الضحية في أزمتها الحالية، إذ تعددت المنابر الإعلامية التي توجد فيها هذه الشخصيات، وأبرزها قناة الجزيرة الفضائية، وموقع عربي 21، وهاف بوست عربي، وغيرها. وضمن الوجوه السياسية المعروفة، الكاتب والمحلل السياسي محمد هنيد، وعضو حزب المرزوقي عماد الدايمي، وطارق الكحلاوي، وغيرهم.