في الوقت الذي تخوض فيه قوات سورية الديمقراطية «قسد» بدعم جوي من طيران التحالف الدولي معارك عنيفة في مدينة الرقة السورية لطرد مقاتلي تنظيم داعش منها، يحذر مراقبون من استغلال إيران لهذه الانشغالات الدولية ومحاولة تأمين مشروعها الفارسي التوسعي الممتد من طهران ومرورا ببغداد ودمشق وبيروت وانتهاء بسواحل المتوسط. وكان الحرس الثوري والميليشيات الأفغانية الموالية له، قد تمكن أول من أمس من اقتحام الحدود السورية العراقية لأول مرة منذ عدة سنوات، بعد إزالة الحواجز بين الحدود، فيما يشرف على سير العمليات شخصيا قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني. خسائر الحروب بحسب مراقبين، ما يزال هاجس الحرب العراقية الإيرانية «حرب الخليج 1» يراود القيادة الإيرانية، لاسيما بعد الخسائر المادية والبشرية التي تكبدتها قواتها خلال المعارك آنذاك، واتجهت طهران بعد ذلك لاستعادة قوتها المفقودة، وتأمين ممرات برية وبحرية لها في عدة دول مجاورة، وذلك خوفا من تكرار الخسائر ومحاصرتها من عدة جهات، خاصة أن البيئة الإيرانية الداخلية تعاني من أزمات عدة، أبرزها سوء الأحوال الاجتماعية، وتنامي الحركات الاحتجاجية ضد النخبة الحاكمة، إلى جانب التنوع العرقي والمذهبي المقلق للسلطات. وساعدت البيئة الفوضوية في الساحة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، النظام الإيراني في بسط هيمنته على هذا البلد الغني بالثروات والتنوع الديني والعرقي، حيث تعتبر طهران الساحة العراقية بأنها أول منطلق لها نحو تأمين حدودها الغربية من أي هجمات محتملة، فيما أحدثت الأزمة السورية عاملا إضافيا لاستغلالها من قبل المشروع الفارسي. ما بعد الرقة برزت مخاوف مؤخرا من مرحلة ما بعد تحرير الرقة من تنظيم داعش، حيث ترفض تركيا أي دور للميليشيات الكردية في إدارة المدينة من جهة، بالإضافة إلى احتمالية عدم سيطرة قوات النظام السوري عليها من جهة أخرى بسبب انكفائه على المواقع التي يسيطر عليها، الأمر الذي يشير إلى وجود حالة فراغ كبيرة قد تستغلها إيران لبسط سيطرتها عليها وتهجير سكانها، على غرار الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الموالية لها في مدينة الموصل العراقية. وتسعى طهران إلى بسط سيطرتها على المناطق الحدودية السورية الأردنية، حيث هاجمت ميليشياتها مرات عدة قواتا سورية معارضة يشرف على تدريبها التحالف الدولي في منطقة التنف الحدودية، قبل أن تقصفها مقاتلات التحالف وتحدث خسائر في صفوفها، في وقت تزايدت المطالب بضرورة خنق هذه الميليشيات ومنعها من التحرك بشكل منفرد. التحذير من مواجهات حذرت تقارير غربية من حدوث مواجهات أميركية إيرانية مباشرة في منطقة البادية السورية، وذلك بعد تكرار الضربات الأميركية ضد هذه الميليشيات، وإصرارها على مواصلة تقدمها. وكان مسؤولون إيرانيون في الفترة الماضية، قد أكدوا أن النظام الإيراني يسعى إلى إنشاء قواعد بحرية له في السواحل السورية، لتأمين وجود دائم للقوات العسكرية، حيث ستمكن هذه القواعد لطهران إمكانية استبدال الممرات البرية في حال تم فقدها بين إيران وسورية بالممرات المائية، في وقت تتواجد القوات الروسية بكثافة في السواحل السورية.