منذ تدخلها العسكري في سورية، عام 2012، عملت إيران على إعداد فصائل تنتمي للطائفة الشيعية الجعفرية، رغم قلة عددها، وحاولت كذلك مد نفوذها المذهبي إلى طائفتي الإسماعيليين والعلويين، علما أن نسبة هؤلاء لا تتجاوز 10 إلى 13% من تعداد الشعب السوري البالغ نحو 24 مليون شخص. وتستعجل إيران تكريس قاعدتها الطائفية في سورية، خصوصا مع مطالبة كافة القرارات الدولية، ومنها اتفاقية أستانة 4 الأخيرة، بخروج جميع القوات الأجنبية من البلاد، فور التوصل إلى حل للأزمة. كما ألمحت روسيا مرارا إلى أن إيران وميليشياتها ستنسحب من سورية في النهاية. قلق طهران من طرد قواتها، جعلها تندفع مبكرا إلى تشكيل ميليشيات مذهبية في ثلاث مناطق، تضم سكانا من هذه الطائفة، في الفوعة وكفريا ونبل والزهراء، بمنطقتي حلب وحماة وفي حمص وفي دمشق، عند محيط مقام السيدة زينب. وأطلقت إيران على هذه الميليشيات أسماء من عندها، مثل قوات الرضا، ولواء رقية الشامي، ثم أنشأت حزب الله السوري، وسلمت قيادته لعناصر تابعة لها من ميليشيا حزب الله اللبناني، ليتوسع نشاط هذا الحزب إلى مناطق درعا وبصرى، حيث جرت عمليات لتجنيد فتية من الأقلية الشيعية. تجنيس المرتزقة لا يقتصر الحضور الإيراني على شيعة سورية فقط، إذ إن قلة عدد هؤلاء دفعت طهران لتنظيم عمليات تجنيس وتشييع واسعة. وظهرت الميليشيات العراقية، تحت راية لواء أبوالفضل العباس، لأول مرة في ناحية السيدة زينب، حيث استقرّ آلاف الشيعة، ومعظمهم جاؤوا من العراق خلال حكم صدام حسين، بدءا من مطلع ثمانينيات القرن العشرين، وحصل بعضهم على الجنسية السورية، كما انضم عدد كبير من المقاتلين المجنسين للميليشيات العراقية التي تقاتل في سورية، مثل حركة النجباء. وفي الفترة الأخيرة، ظهرت تباينات وتوترات بين الأذرع الإيرانية. وطالبت وثيقة داخلية صادرة عن قوات الرضا، الفصيل الموالي لإيران ويتخذ من حمص مقرا له، بالاهتمام بالموضوع المادي، ودعم المجاهدين، وتأمين الجرحى وعائلات الشهداء. تكرار التجارب شدّدت الوثيقة على الحاجة إلى تمكين العلماء والكوادر العسكرية الشيعية، ليكون هؤلاء «نواة لعمل مؤسسي في المستقبل». وطلبت المساعدة من إيران وحزب الله، من أجل ضمان تمثيل الشيعة في مفاصل الدولة والدوائر الرسمية كافة «أسوة بباقي الطوائف». مطالب قوات الرضا هذه تعزز سعي الحرس الثوري إلى خلق قاعدة شيعية سورية على غرار ما هو واقع في لبنان، بما يضمن لها حصة في النظام المقبل، وربما مساهمة في القرار السياسي الذي سيكون نقلا للتوجهات الإيرانية، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان. وسعت طهران لتكرار تجربتها في لبنان، بدءا من إطلاق حركات كشفية خمينية، في حمص ودمشق، وصولا إلى إنشاء سلطة دينية خاصة بالطائفة، تتمثّل بالمجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية، الذي يتولى رئاسته محمد علي المسكي.