الإنسان بفطرته يبحث عن الراحة والاستجمام بعد قضاء يوم شاق ومتعب في عمله وفي شؤون حياته ليرفه عن نفسه ويجدد طاقته، وهذا الترفيه هو جزء مهم لبناء الفرد صحيا واجتماعيا وتربويا، والترفيه في وقتنا الحاضر أصبح ضرورة لا تستغني عنها البشرية بسبب ضغوطات الحياة وتسارع وتيرتها، ولكن بشرط ألا نقدمه على أساسيات وأولويات - هي حق لكل مواطن - يكمن فيها الترفيه الحقيقي كالسكن المناسب وتوفير فرص العمل ذات الدخل الجيد والتعليم المتطور وكذلك بمستشفيات راقية يعمل بها أكفاء وبعلاج مجاني، وإن لم تتوفر تلك الأساسيات فلسنا بحاجة لترفيه يسعدنا ساعات فقط، والدولة حفظها وضعت رجالا، كلٌ في مكانه، لابد أن يكونوا على قدر تلك الثقة وعظم الأمانة والمسؤولية. وعودا إلى حديثنا عن الترفيه فالعاقل بلا شك يبحث عن مكان مناسب له ولأسرته يراعي الآداب الإسلامية بقيمها الإنسانية الراقية ليرفه عن نفسه وعنهم، وحتى عندما نسافر للخارج ونرى المنكرات ليس معنى ذلك أننا نقر بها في بلادنا ونسوغ لها، بل نحن مسلمون ولنا عاداتنا وثقافتنا ومنهجنا القائم على الكتاب والسنة، فلا بد أن نعتز بديننا وهويتنا ولا نرضى بأن نكون كالغراب الذي ضيع مشيته ومشية الحمامة، وذلك عندما يصر القائمون على هيئة الترفيه بنقل فعاليات ترفيهية من الخارج إلى بلادنا - مثل فعاليات الكوميكون التي تتضمن المجلات المصورة والأنيمي وألعاب الفيديو وارتداء أزياء الشخصيات الخيالية المشهورة - والتي للأسف يصاحبها فوضى وأمور مستنكرة تنافي قيمنا ويرفضها كل عاقل حتى وإن لم يكن مسلما، والبحث عن الترفيه المباح كما ذكرت يؤيده العقلاء وهو الخيار المناسب وجميعنا نرفض المنكرات بكافة أشكالها ولا نرضاها وكلنا محتسبون ضدها لتأثيرها الكبير - خصوصا على الأجيال القادمة - وليس كما يتصوره البعض، لأن النفوس إذا تعودت المنكر استوطنها وجعلها تألفه، والاحتساب بلا شك يجب أن يكون بالحكمة وبالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وبالشكل الصحيح من خلال التواصل مع الجهات الرسمية وليس كما يفعله البعض من عبث وفوضى. وللأسف فالمنظمون لمثل تلك الفعاليات والمعارض يتذرعون بعبارة (وفق الضوابط الشرعية) وهي عبارة مطاطية يجب أن توضع في مكانها المناسب وتفسر تفسيرا صحيحا على ظاهرها، والترفيه ليس محصورا في المقطوعات الموسيقية ولا في إقامة الحفلات الغنائية وجلب المغنين، بل هو أعم وأشمل من ذلك، حيث يمكننا خلق بيئة ترفيهية جذابة وممتعة ومناسبة، وذلك بإنشاء حدائق وألعاب مائية وألعاب عالمية ومسارح كوميدية على سبيل المثال، وكذلك استغلال البحار الموجودة لدينا والاستفادة من بعض الأماكن الطبيعية وتطويرها، وإقامة معارض للعلوم والفضاء وتنظيم رحلات برية للمشي بالقرب من الحيوانات. وختاما، نتمنى أن تتلافى هيئة الترفيه الأخطاء التي وقعت فيها واعترفت بها وأن يكون الترفيه لدينا على مستوى عالٍ وعلى قدر التطلعات.