ولأن كل عمل يعتريه النقص، ولأننا نبحث عن الكمال ونبحث عن الأفضل دائما؛ أوجدنا أداة توصلنا إلى ما نبتغي.. أداة النقد. حينما يغيب النقد تتراكم الأخطاء، فالخطأ الذي لا يصحح يستمر، وخطأ مع خطأ مع ثالث يجعلها تتراكم فيصعب الإصلاح بعد ذلك. النقد ضرورة حتمية لتطور أي مجتمع، وأهمية النقد ليست محل أي نقاش أبدا، لكن الغريب والمؤسف حقا حينما يتحول النقد إلى انتقاد مهمته إظهار السلبيات فقط، حينئذ سنضع المزيد والمزيد من علامات التعجب والاستفهام! إن تنامي ظاهرة الانتقاد في السوشال ميديا –مثلا- يجعلنا نتساءل: لماذا أصبح الناس لا يرون إلا العيوب... هل المشكلة في أعيننا أم في واقعنا المليء بشتى التناقضات؟ سؤال آخر من يصعد على موجة الانتقاد هل هو باحث عن الشهرة أم إنسان عاقل ومهتم بتصحيح الخطأ؟ أيضا هل الهدف الحقيقي لهذا الانتقاد هو البحث عن الأضواء أم استجابة لرغبة شريرة في التشفي والتجريح؟ يقال فيما مضى إن امرأة كانت شديدة الانتقاد والتنقيب عن أخطاء الآخرين، كانت كل صباح تأخذ زوجها إلى النافذة المطلة على شرفة الجيران وتريه غسيلهم المنشور في الشرفة ثم تقول: ألا ترى أن الغسيل يُنشر وهو غير نظيف؟!.. هل هذه ست بيت؟ وذات صباح أخذت زوجها لممارسة هوايتها المعتادة في رؤية (الغسيل القذر)، لكنها فوجئت هذه المرة بأن الغسيل نظيف جدا فغضبت وأكدت لزوجها أن هذا الغسيل النظيف ليس من صنع يدي جارتها، بل إن هناك من جاء ليساعدها. ضحك الزوج وقال: الغسيل كما هو كل يوم.. نظيف فعلا.. الحدث المختلف اليوم هو أنني استيقظت مبكرا فقمت بتنظيف النافذة القذرة التي ترين من خلالها غسيل الجيران قذرا بسبب ما تراكم على نافذتك من الأوساخ. حقا نحن بأمس الحاجة إلى تشجيع النقد البناء،الذي يهدف إلى الإصلاح والتطوير والنهوض بالمجتمع، وبالمقابل فإنه يتوجب على سدنة الإعلام الجديد التوقف عن الانتقاد لأجل الانتقاد أو الانتقاد لأجل التشويه والتجريح، وطبقا للمثل العالمي فإنه (عندما تنتقد سلة القش سلة قش أخرى يبقى كلاهما مليئا بالثقوب).