لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما هو يريد (كما يؤمن هو ويعتقد أن هذا هو الأفضل لي وللآخرين) جون ستيوارت ميل الحرية ككلمة؛ يمكن تعريفها بأنها قدرة الفرد على اتخاذ القرار المناسب له، دون أي تدخُل أو تأثير من أي طرف آخر؛ سواء أكان ماديا أو معنويا، وعدم اتباعه لأي شخص بدون تفكير. فكل إنسان له الحق في الحرية والاستقلالية الذاتية في التفكير واتخاذ القرارات التي يراها مناسبة له، وضمن قواعد وضوابط أخلاقية لا تنفي الصفة الشخصية عن القرار. على سبيل المثال، قد يفرض الزوج على زوجته أن يطلب منها صداقة من هو يرتاح له، ويطلب منها إلغاء صداقة من هو يحقد عليه لأمور قد تكون تافهة في نظر الزوجة ويحدث التصادم والتهم، أو أن يفرض على الأخت أو الابنة دراسة تخصص هي لا تريده. إن حرية الشخص تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. فلستَ وحدك أيها الرجل الحر في هذا العالم، ولكن كل البشر أحرار ولهم الحق في اتخاذ قراراتهم؛ على ألا تؤثر على الآخرين. الحرية كمفهوم مكفول في أغلب القوانين وكل الأديان، والقوانين. والأديان ما هي إلا الإطار الذي أشرنا إليه لهذه الحريات، فلا يُعقلُ أن يُسمح لشخص بالتعدِي على الآخرين لمُجرَد أنه قرَر ذلك، ولأن له الحرية في مثل هذا العمل. ويكفينا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، وهذه هي الحرية الفردية. إن إساءة استخدام مفهوم الحرية لهو من أكبر البواعث على انتشار الفوضى والفساد. وغياب الضوابط المادية والمعنوية للحريات يجعل من ممارسة الحرية أمرا يشبه الحرب الشعواء، فيكون البقاء للأقوى، والحرية الغالبة هي حرية صاحب القوة والنفوذ، وتنتفي هذه الصفة عن عامة الناس. فإذا أعطى شخصٌ لنفسه الحق في أن يُخالف قوانين السَير مثلا لأنه حر؛ فلن نتوقع شيئا غير الكثير من الحوادث المرورية، وإذا قرر شخصٌ لأنه حر أن يضرب ما شاء من الناس، ويعنف زوجته وأولاده سيصبح لدينا نهر دماء لا ينتهي، لأن المضروب أيضا حر وله حق الرد. لا تطلبوا الكثير ولا تتنازلوا عن الكثير، فالإفراط في الحرية باعث على الخراب والدمار، والتفريط في الحرية مدخل للعبودية لا مخرج له، فاعتدل واحترم، وستبقى حرا.