ألقت "حادثة تعنيف عاملة المدينة" بظلالها على مكاتب استقدام الأيدي العاملة في مناطق المملكة، إذ تلقى عدد منها خطابات من مكاتبها الخارجية تؤكد فيها على الالتزام بحقوق العاملات المنزليات اللاتي يعملن لدى أسر سعودية، فيما خضعت العاملة أمس لعملية ترميم لتغطية عظمة الرأس بمستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة. وقام الفريق الطبي الذي أجرى العملية للعاملة بأخذ جزء من جلد منطقة "الفخذ لترميم جلد رأسها بعد أن قامت معذبتها بسلخه. وأكدت مصادر ل"الوطن" أن شقيق والدة ستي سلام قدم إلى المدينةالمنورة أول من أمس وقام بزيارتها بالمستشفى، وأكدت ذات المصادر أن بعد المسافة حال دون قدوم والدتها لزيارتها . في حين أبدت هيئة حقوق الإنسان في المملكة أسفها واستنكارها لما تعرضت له "عاملة المدينة" من انتهاك وتعنيف جسدي مما استوجب نقلها للمستشفى ولا تزال تخضع للعلاج. وقالت الهيئة في بيان -حصلت "الوطن" على نسخة منه- إن القضية تحظى بأهمية بالغة ومتابعة منذ بدايتها من قبل رئيس الهيئة الدكتور بندر العيبان الذي كلف فريقا من منسوبيها المختصين بالوقوف على هذه الحالة وزيارتها في المستشفى وإعداد تقرير شامل عن حالتها. وأضاف البيان أن وفد الهيئة التقى بالمقيمة الإندونيسية واطلع على حالتها وطلب من المستشفى تقديم تقرير طبي مفصل عنها، كما خاطبت الهيئة فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمدينة طالبة منها معرفة ما انتهى عليه التحقيق حيث ستتابع قضيتها مع الجهات المختصة، وذكرت الهيئة أنها عينت محاميا للترافع عن الخادمة أمام الجهات ذات الاختصاص والمطالبة بحقها الخاص والحق العام. تداعيات الحادث وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة أن لجنة تضم قانونيين ستتجه إلى المدينةالمنورة اليوم قادمة من الرياض للاطمئنان على صحتها والاطلاع على تداعيات الحادثة وظروفها. يأتي ذلك كردة فعل لقصة تعنيف العاملة الإندونيسية ستي سلام "سومياتي" التي انفردت "الوطن" بنشر تفاصيلها في العدد 3702 بعد وصولها إلى طوارئ مستشفى الملك فهد العام بالمدينةالمنورة في 29 من شهر ذي القعدة المنصرم، وكانت تعاني حينها من إصابات وحروق وجروح في مناطق مختلفة من جسدها، وخضعت للرعاية الطبية في حينه ومازالت، فيما تحفظت الجهات الأمنية وفقا لمدير شرطة منطقة المدينةالمنورة اللواء عوض السرحاني على المتسببة في تلك الحادثة وهي سعودية في ال 54 من عمرها، بعد إقرار ابنها بمسؤولية والدته عن الإصابات التي لحقت بالعاملة. تسليم الحقوق وتضمن خطاب حمل اسم إحدى شركات توظيف العمالة في إندونيسيا، وحصلت "الوطن" على نسخة منه - والذي بدا أن معده لا يجيد الكتابة باللغة العربية - جملة من البنود التي تؤكد الشركة على ضرورة الالتزام بها إذا رغبت الأسر السعودية في استقدام عاملات منزليات من الخارج. وفي أحد بنود الخطاب شددت الشركة على التعامل مع العاملة المستقدمة بأسلوب جيد وعدم الاعتداء عليها، كما طالبت بضرورة ضمان تواصل العاملة مع أسرتها في إندونيسيا مرة واحدة على الأقل في الشهر، والالتزام بتسليمها حقوقها بشكل شهري ومنتظم إضافة إلى توفير أرقام ثلاثة هواتف للكفيل السعودي ليتسنى التواصل معه مستقبلا. وأوضح الملحق الإعلامي ديدي حبيبي في سفارة جاكرتا أن هناك متابعة من الحكومة الإندونيسية لمعرفة الحالة الصحية التي وصلت إليها العاملة، وقال حبيبي في حديثه إلى "الوطن": إن ما تعرضت له الخادمة كان تعذيبا غير مقبول ليس على المستوى الإسلامي فقط بل على المستوى الإنساني، وما نطالب به هو فقط العدالة". وبين حبيبي أن الزيارة المرتقبة لوزيرة المرأة الإندونيسية ليندا أغوم غوميلار إلى السعودية لم يحدد موعدها بعد وينتظر أن تحدد خلال الأيام القليلة المقبلة بناء على اتصالات تجري حاليا بين حكومتي البلدين، كاشفا عن أن الوزيرة ستتوجه إلى المستشفى لزيارة ستي سلام. تكريم النفس من جانبه أكد مصدر ل"الوطن" أن الجهات المختصة تتولى التحقيق في قضية تعنيف العاملة الإندونيسية في المدينةالمنورة، وأنها ستتخذ بناء على معطيات هذا التحقيق الإجراءات اللازمة لمعاقبة المتجاوز من خلال المؤسسات القضائية بكل حيادية لإعطاء كل صاحب حق حقه، معتبرا أن هذه القضايا فردية برغم من خطورتها ورفض المجتمع ومؤسسات الدولة لها لأنها تتنافى مع الدين الإسلامي. ورفض المصدر التعليق على تصريحات الرئيس الإندونيسي التي أدان بها تعنيف مواطنته ستي سلام، مبينا أن الجهات المختصة لا تنظر إلى الجوانب السياسية في مثل هذه القضايا وترى أن هناك اتهاما يحتاج إلى تحقيق دون النظر إلى جنسية المعتدى عليها فالجميع أمام الجهات المختصة سواسية، ومؤكدا أن هنالك اتصالات بين الحكومتين عبر القنوات الرسمية لمناقشة هذه الحالة وتوضيح المعلومات المتعلقة بها. دون مخاوف من جهة أخرى أكد مصدر مطلع في لجنة الاستقدام الأهلية في غرفة الرياض ل "الوطن" أمس أنهم لم يتلقوا أي خطاب رسمي يتعلق بوقف استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية للمملكة، مشيراً إلى أن المكاتب الأهلية ما زالت تستقبل طلبات الأسر السعودية دون مخاوف. وفي هذا الشأن أكد صاحب مكتب "السفير المفوض للاستقدام" فهد المشرافي في تصريحه إلى "الوطن" أمس أن استقبال طلبات الأسر السعودية لاستقدام العمالة الإندونيسية سارية حتى هذه اللحظة، وقال "لم نتلق أي توجيه رسمي يشير إلى وقف استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية، وإن كنت أعتقد أنه لن يحدث ذلك من الأساس". وأمام هذه التصريحات استبعد خبير شؤون استقدام العمالة المنزلية المهندس عبدالله عبدالجبار في حديثه إلى "الوطن" أمس أن توقف إندونيسيا إرسال عمالتها للمملكة بشكل رسمي، وقال "في المملكة أكثر من 700 ألف عاملة منزلية إندونيسية تمثل عنصراً مهماً في تنشيط الشريان الاقتصادي لبلدهم". وقال إن إيقاف استقدام هذه العمالة قد يسبب نوعاً من المشاكل في سوق استقدام العمالة المنزلية في المملكة، خصوصاً أنه لا يمكن أن يكون هنالك بديل بذات المزايا التي تتميز بها العاملات الإندونيسيات".