لم يكن والدا الطالب نواف محمد مداوي الأحمري يعلمان أنها اللحظات الأخيرة التي يشاهدان فيها ابنهما في المنزل صباح أول من أمس، ولم يتوقعا أن يكون خروجه من أمان البيت إلى أمان المدرسة هو مصيره المحتوم، واثقين في أصحاب القرار أن اليوم الدراسي بأمان. أيقظاه صباحا وابتسما له، نظرا إليه بحنانهما المعهود، داعباه بكلماتهما الحنونة، ألبساها الملابس الشتوية ليعيش الدفء والأمان، وكأنها رسالة أخيرة منهما تقول: "نحن نحبك"، تلك الرسالة التي لم يفتحها أيضا إلا أنامل والده، حيث كان هو الوحيد الذي أزال تلك الملابس الشتوية بعد أن غرقت "ضحية" لقرار، أو مشروع، وألبساه بأناملهما ثياب الوداع الأخير لأمان ربه ورسالتهما "إنا لله وإنا إليه راجعون". جهد التعليم لم تشفع خطوات وزارة التعليم الجبارة والمتتابعة في إنشاء إدارة للأمن والسلامة والمدرسية في كل إدارة تعليمية، إضافة إلى الخطوات التطويرية لضبط عملية تعليق الدراسة ومنحها لقادة التعليم في المناطق، من حماية أحد طلاب مدارس عسير أول من أمس، بعد أن غادر مدرسته التي تحيط بها الأودية من عدة جهات هربا من الموت فوقع غريقا فيه. فجوة القرار حادثة غرق الطالب نواف محمد الأحمري، تسجل مفارقة كبيرة بين خطط وتوجيهات التعليم التي تؤكد على أنها تعمل على أمان وسلامة طلابها، وبين الواقع الذي يعطي مؤشرات إلى أن هناك فجوة في اتخاذ قرار التعليق للدراسة مبكرا قبل ذهاب الطلاب والطالبات للمدارس، بناء على التنبيهات المتقدمة الصادرة من "الأرصاد"، إضافة إلى فجوة أخرى في كيفية التعامل مع الطلاب وإخراجهم من مدارسهم خلال اليوم الدراسي، حفاظا على سلامتهم، وخاصة في الأحياء التي تتجمع فيها المياه بشكل كثيف، ما يعيق حركة سير المركبات والحافلات المدرسية كحي "المنسك" بأبها الذي شهد غرق الطالب. تعليق الدراسة قرار تعليق الدراسة، لم يستقر ولم ترض عليه شرائح المجتمع في عسير، حيث إن المنصات الاجتماعية شهدت غضبا وعتبا كبيرين على الإدارة العامة في تعليم عسير بتأخرها في تعليق الدراسة، حتى أصبحت مدارس الطلاب والطالبات في مكان الخطر، ومحاطة بالبحيرات في الطرق والأحياء، ما زاد من خطورة خروجهم من المدارس ووصلهم لمنازلهم، أو صعوبة وصول أولياء الأمور لهم. تغريدة تثير التساؤلات أثارت تغريدة مساعد مدير عام التعليم سعد الحوني ردود أفعال متباينة، إذ أكد من خلالها أن المدرسة هي المكان الآمن للطالب، في إشارة إلى عدم إخراج الطلاب منها في ظروف جوية غير مناسبة وهو ما لم يتم العمل به إذ تم صرف الطلاب وسط الأمطار، فيما ذهب آخرون إلى أنه كان جَدِير بالإدارة العامة للتعليم، تعليق الدراسة. التعليم صامتة لم يسجل حساب الإدارة ب"تويتر" أي تغريدة تتعلق بتعليق الدراسة أول من أمس، حيث التزم الصمت نهائيا، في وقت لم تصدر الإدارة التعليمية بالمنطقة أي بيان صحفي يتحدث عن قرار التعليق، أو حتى يوضح إجراءات مدرسة الطالب الغريق أول من أمس وآلية تعامل المدرسة مع خروج الطالب الأحمري، ومدى نظاميته.