سرّعت دول الخليج العربي خطواتها لتكوين موقف موحد من إيران، بعد أن أبدت الأخيرة إصرارها على استمرار سياساتها المعادية في المنطقة، ومواصلة تزويد المتمردين الحوثيين بالأسلحة والصواريخ. ويأتي الموقف الخليجي في وقت تتزايد المساعي الدولية لعزل إيران، على خلفية أنشطتها المهددة للاستقرار، والتجارب الباليستية لإطلاق صاروخ قادر على حمل رؤوس نووية، في تحد للمجتمع الدولي وقراراته، وإعلان طهران أكثر من مرة تصميمها على مواصلة تلك التجارب، رغم أن الاتفاق النووي بينها وبين الدول الكبرى يحظر صراحة مثل هذه التجارب. تغيّر المناخ الدولي توقع مراقبون أن ينجح الضغط الخليجي في إرغام إيران على التجاوب مع الجهود الدولية، وتوقف تدخلاتها السالبة في شؤون دول المنطقة، وتلتزم بتنفيذ الاتفاق النووي، مشيرين إلى أن دول الخليج تستفيد في موقفها الضاغط على إيران، من التغير في موقف الإدارة الأميركية الجديدة، وتزايد الدعوات في الكونجرس الأميركي إلى فرض مزيد من العقوبات على النظام الإيراني، ردا على استمرار مساعيها لتطوير صواريخها المحظورة. إضافة إلى وحدة المواقف العربية التي ترى إيران عدوا مشتركا ينبغي مواجهته بكل السبل، وهي مواقف واضحة أعلنتها المغرب والأردن ومصر والسودان، إضافة إلى دعم شعبي عربي وإسلامي واسع. وأضافوا أن المناخ الدولي الجديد يخدم أجندة دول الخليج في الضغط على إيران، للتراجع عن خطتها لإثارة النزاعات الطائفية، والتسلل عبرها للسيطرة على دول عربية.
خطوة عملية اتخذت الإمارات العربية، أول من أمس، موقفا لافتا، عندما استدعت وزارة خارجيتها القائم بأعمال السفارة الإيرانية في أبوظبي، احتجاجا على تزويد إيران بأسلحة للميليشيات الحوثية، مؤكدة أن ذلك يعد انتهاكا لقرارات مجلس الأمن، واعتداء على الشرعية الدولية. وأشار مساعد وزير الخارجية الإماراتي، عبدالرحيم العوضي، لدى استدعائه القائم بالأعمال الإيراني إلى أن استمرار طهران في تزويد الحوثيين بالأسلحة، ومنها طائرات دون طيار، استهدفتها قوات التحالف مؤخرا، يعدّ عدوانا على الشرعية الدولية. وكانت القوات الجوية الإماراتية العاملة ضمن قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية في اليمن، أعلنت السبت الماضي تدمير طائرة عسكرية من دون طيار، إيرانية الصنع، شمال المخا على ساحل البحر الأحمر. مشيرة إلى أن الهدف من إطلاق الطائرة هو تصوير أماكن تمركز قوات التحالف العربي والجيش الوطني وإرسال إحداثات يمكن استخدامها في توجيه صواريخ من نوع "زلزال" الإيرانية الصنع.
وقف الانتهاكات طالب وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، في نيويورك، المجتمع الدولي بالتصدي للتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، خاصة في اليمن. مشيرا إلى أن ما تقدمه طهران من أسلحة للانقلابيين يعد انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي. وأشار الجبير إلى أنه أكد لجوتيريس أهمية تصدي المجتمع الدولي لتدخلات إيران السالبة في شؤون دول المنطقة، ووقوفها خلف الأزمات التي تشهدها كثير من الدول، مضيفا أن تزويدها قوات الانقلابيين الحوثيين وحليفهم المخلوع، علي عبدالله صالح، بالسلاح هو السبب الرئيسي لاستمرار الأزمة في اليمن، وهو ما يتناقض مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يحظر على جميع الدول تقديم مساعدة عسكرية للانقلابيين. كما لفت الجبير إلى ضرورة الحفاظ على وحدة العراق واستقراره. استنفاد الفرص كانت دول الخليج أمهلت إيران فرصة أخيرة، عبر وساطة قادتها الكويت، بتكليف من مجلس التعاون الخليجي، لفتح حوار مع طهران ومعالجة القضايا العالقة. إذ كان وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، أعلن عقب لقائه الرئيس الإيراني حسن روحاني، في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، أن الرسالة تتعلق بأسس الحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران "التي يجب أن تكون مبنية على ميثاق الأممالمتحدة، ومبادئ القانون الدولي الخاص بالعلاقة بين الدول". كما التقى نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، بعد وصوله إلى العاصمة الإيرانية، إلا أن إيران سعت إلى إظهار زيارة الوزير الكويتي على أنها تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، ولم تبد اهتماما بالمبادرة، كما رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية تأكيد وجود مثل هذه الوساطة.