بلا شك أن التوعية بالحماية من الإيذاء الجنسي من المواضيع الحساسة جدا، خصوصا في حال تقديمها للأطفال. ولحساسية الموضوع وتأثيره على المجتمعات، في الدول المتقدمة مثلا المملكة المتحدة، تقديم التوعية بالتربية الجنسية يحتاج إلى متخصص مهني مرخص لتدريب المربين. وكمتخصصة في تقديم وتقييم مناهج التربية الجنسية للأطفال وصغار السن باعتماد من جامعة ستافوردشير بالمملكة المتحدة أناشد الجهات الحكومية والمهتمين بالمساهمة في الحد من ظاهرة التوعية العشوائية لأثرها السلبي على الطفل والمجتمع. إذ أكدت الدراسة العلمية التي قدمتها عام 2016 لمرحلة الدكتوراه بجامعة شيفيلد بالمملكة المتحدة، والتي ناقشت تصميم المنهج العلمي للتربية الجنسية للأطفال، والمتوافق مع عادات وثقافة المجتمع السعودي، على أهمية اختيار الكلمات المناسبة أثناء التوعية، والابتعاد عن التخويف وإثارة ذعر الأطفال والأسر لما له من أثر سلبي على الطفل والأسر. وناقشت الأثر السلبي لتقديم الدورات التوعوية واستخدام مصطلح "التحرش" الذي انعكس بدوره في ازدياد نسبة الإيذاء واستغلال الأطفال بشكل واضح. ولتحقيق الهدف من الحماية على المجتمع استبدالها بمصطلحات أخرى أكثر إيجابية، مثل الحماية الشخصية، أو حماية ووقاية، وتقديمها للمربين الذين بدورهم ينقلونها لأبنائهم. يحتوي المنهج المقترح في هذه الدراسة على مواضيع تنمية مهارات الشخصية، وحماية النفس من الإيذاء بطريقة تربوية مشوقة ومتدرجة تراعي ثقافة المجتمع السعودي. وتأتي التوعية السليمة للحماية الشخصية للأطفال بعد بناء الثقة والتواصل السليم بين الأبناء والوالدين، وبناء على الدراسات العلمية والنظريات التربوية تعتمد التوعية بهدف حماية الأطفال على أسلوب التربية بالتوجيه الإيجابي ويكون كالآتي: أولا: صياغة العبارات التوجيهية بأسلوب بسيط وبطريقة إيجابية مريحة بعيدا عن التخويف والتحذير. ثانيا: مراعاة الجدية في مناقشة المواضيع الجنسية بدون ضحك أو استهزاء. ثالثا: تقديم المعلومات بالتدريج ومراعاة مناسبتها المرحلة العمرية للطفل ومدى قدرته على الاستيعاب. رابعا: تحديد ما هو مطلوب فعله من الأبناء في الحماية والتركيز على السلوك المقبول كبديل للسلوك الخاطئ غير المرغوب. خامسا: ضرورة الابتعاد عن استخدام أسلوب النفي أو النهي "لا تفعل" لأن العقل الباطن لا يستوعب النفي. مثلا "لا للتحرش" "لا تلمسني" للأسف تسهم في الإيذاء والاكتشاف باللمس. سادسا: الحرص على استخدام صياغة الجمع في التوجيه المباشر للأبناء مثلا "نحن نحمي أنفسنا.." أو "نحن نبتعد عن المخاطر ..". بالتوعية الإيجابية سيتحقق هدف الحماية والوقاية، وذلك بتنمية شخصية الطفل ليصبح أكثر ثقة بنفسه، ولديه القدرة على التعبير عما بداخله بطريقة صحيحة، معتزا بهويته الجنسية، ويكتسب مهارات الحماية الشخصية للدفاع ولمواجهة تحديات العولمة بثقافاتها المختلفة بهدف تحقيق نمو سليم في بيئة آمنة.