حذّرت الأستاذة بقسم رياض الأطفال بجامعة الملك خالد، ريم العسيري، الآباء والأمهات من ترك الأطفال بمفردهم مع السائق؛ كاشفة أن هذا الأمر يُعَرّضهم للخطر واحتمالية تعرضهم للتحرش، أو الاعتداء من قِبَل السائق الأجنبي؛ مؤكدة أن هذه الظاهرة أنتجها انتشار الإباحية؛ داعية لتدريس الثقافة الجنسية وإطلاق مبادرة وطنية للقضاء على المشكلة وتحجيمها. وأشارت -خلال محاضرة لها ضمن أحد أنشطة جامعة الملك خالد- أن الدراسات تؤكد أن 90% من حالات التحرش تكون من أشخاص معروفين من قِبَل العائلة؛ لافتة إلى أن النسبة الصادرة من مركز الأمير جلوي بن مساعد لتنمية الطفل للتحرش الجنسي بالسعودية، والتي تبلغ 22.5% ؛ أي واحداً من كل أربعة أطفال تَعَرّض للتحرش، تُعَدّ مؤشراً خطيراً، ودليلاً على أن التحرش أصبح ظاهرة.
وذكرت "العسيري" أن قضية التحرش بالأطفال من القضايا الحساسة بالمجتمع؛ مؤكدة أن الدراسات والأبحاث في هذا الموضوع قليلة جداً لقلّة عيّنة الدراسة، أو لعدم إتاحة المعلومات أو سرّيّتها؛ مضيفةً أن بعض الدراسات رصدت التحرش من ضمن وسائل الإيذاء الجسدي أو النفسي للمعتدي".
وأوضحت أن المجتمع يحتاج إلى التوعية بشكل أكبر كنشر الوعي؛ حيث يجب أن يكون بطرق ووسائل تُسَهّل على الأهل إيصال معنى التحرش، والحماية الشخصية للطفل.
وقالت: "لحساسية هذا الموضوع، وتأثيره على حياة الطفل المستقبلية سواء في نموه النفسي واتزانه العاطفي، أو علاقاته المستقبلية، وحتى لتأثيرها على نموه الانفعالي، ونظرته لذاته، نحتاج إلى مبادرة وطنية تشمل المدارس في كل المملكة تقدم توعية للجميع".
وكشفت أن من أهم أسباب انتشار التحرش بالأطفال، انتشار الإباحية بجميع أشكالها، مع انحلال القيم، وتعدد طرق الاتصال التي قد تُعَرّض الطفل للتحرش؛ مشيرة إلى أن الطفل قد يتعرض للتحرش اللفظي، وهو يتحاور أو يلعب لعبة تفاعلية على الإنترنت؛ معتبرة أن وسائل الاتصال ساهمت في لفت أنظار المربين لتلك الظاهرة.
وبيّنت "العسيري" أنها مع تدريس مادة الثقافة الجنسية؛ بشرط أن توضع ضمن مادة التربية الأسرية؛ حتى يتقبل المجتمع موضوع التثقيف الجنسي, وقالت: "تدريس التثقيف الجنسي يُسهم في تعليم الفرد حماية نفسه في الحياة العامة، وتَعَلّمه كيف يتعامل مع العالم الافتراضي".
ولفتت إلى أن الطفل ليس وحده من يتعرض للتحرش؛ بل حتى المرأة، والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ معتبرة أن ثقافة التسامح ساهمت في انتشاره.
واستكملت: "قسم رياض الأطفال بجامعة الملك خالد, حريص على نشر الوعي حول ذلك الموضوع انطلاقاً من أهميته، ولالتزام القسم بخدمة الأطفال، والتزام منسوبات القسم الأخلاقي والمهني نحو الموضوعات الهامة للأطفال؛ خصوصاً مع وجود بعض أعضاء القسم المنتمين لبرنامج الأمان الأسري الذي أطلق مبادرة تمكين الطفل؛ موضحة أن القسم قام بتنظيم دورة باسم "حماية أطفالنا من التحرش"؛ حيث أتيح من خلالها المجال للجميع لحضورها".
وشددت على أهمية قُرب الأهل من الأطفال ووجود الثقة بينهم، والتعاهد على عدم إخفاء الأسرار؛ معتبرة أن علاقة الأهل بالأطفال تنجح عندما تكون في جو أسري صحي بعيداً عن العقاب القاسي أو الإهمال, وأن تلك العلاقة تُسهم في حماية الأهل لأطفالهم من التحرش.
ونوّهت إلى ضرورة تعليم الأهل للطفل بعض القواعد الحياتية، والتثقيف الجنسي المبكر، وتوضيح معاني اللمسة الآمنة، وغير الآمنة، والأماكن المسموح للغير بلمسها وغير المسموح بها.
واختمت "العسيري" حديثها بقولها" نحتاج إلى مبادرات مجتمعية أكثر مسؤولة بالنهوض بالطفل، في ظل عدم وجود أي جمعية تعتني بالأطفال العاديين في المنطقة".