قدّم تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى صورة للمشهد الإيراني، في أعقاب وفاة هاشمي رفسنجاني، مشيرا إلى أن خلافة المرشد الأعلى، علي خامنئي لن تكون عملية بسيطة، بل نتاج لتقاطع مصالح عدد من القوى، أبرزها الحرس الثوري، مما يعني أن عدوانية طهران ستستفحل في الدول المجاورة، خصوصا مع الغياب المتوقع لقيادات شيعية بارزة مثل علي السيستاني في العراق. وقال، إن "رفسنجاني لعب دورا كبيرا في ترسيخ نفوذ الخميني، وخليفته خامنئي. وفي وقت لاحق، مهّد الطريق أمام بروز محمد خاتمي رئيسا إصلاحيا بعد أن تبوّأ هو نفسه هذا المنصب لولايتين. وفي عام 2013، فاز تلميذه المشهور حسن روحاني بالرئاسة، بفضل الدعم الحيوي الكبير الذي قدمه له رفسنجاني. ولذلك، فمن المهم النظر في كيفية تبلور العمليات الانتقالية المقبلة في إيران، أي الانتخابات الرئاسية في يونيو 2017 والمهمة النهائية المتمثلة في تحديد خليفة لخامنئي". وأضاف "من المفترض أن يُملأ المنصبان اللذان شغلهما رفسنجاني رئيسا لمجمع تشخيص مصلحة النظام، وعضويته في مجلس خبراء القيادة بشخصية أكثر ولاء لخامنئي ومعسكر المتشددين التابع للنظام، وهذا ليس بالمستغرب نظرا لمطالبته باستبدال منصب المرشد الأعلى بمجلس قيادة. ولكن تعيين مثل هذه الشخصية لن يفضي بالضرورة إلى توحيد جبهة المتشددين". لجنة ثلاثية رغم توضيح الدستور لآلية تعيين خلف للمرشد، لم يصل الخميني ولا خامنئي إلى السلطة بتلك الآلية، فمجلس خبراء القيادة وأعضاؤه الثمانية والثمانون هم المؤسسة الوحيدة المسؤولة عن تعيين خلفه. وفي حال وفاة المرشد واحتياج المجلس إلى مزيد من الوقت لشغل هذا المنصب، تتم إدارة البلاد من مجلس مؤقت، مؤلف من رئيس الجمهورية، ورئيس السلطة القضائية، وعضو من مجلس صيانة الدستور، يتم اختياره من مجلس تشخيص مصلحة النظام. لكن الدستور لا يأتي على ذكر المهلة الزمنية لانتهاء صلاحية هذا المجلس الثلاثي، وليس من المتوقع أن يتبنى هذا المجلس نهجا أقل تطرفا من خامنئي، فرئيس السلطة القضائية الحالي والغالبية الساحقة من أعضاء مجلسي الخبراء وصيانة الدستور، كما أن وجود روحاني لن ينجح في التخفيف من حدة هذه الضغوط المتشددة، على افتراض أنه سيعاد انتخابه في يونيو المقبل. تنافس محموم تابع التقرير قائلا "مؤخرا جرى طرح 4 أسماء مرشحة بشكل متكرر داخل الأوساط السياسية، وفي وسائل الإعلام الأجنبية، هي: رئيس السلطة القضائية، صادق لاريجاني، وعضو مجلس صيانة الدستور، محمود الشاهرودي، والابن الثاني للمرشد، مجتبى خامنئي، وسادن العتبة الرضوية، إبراهيم رئيسي. ومع أن اسم الأخير برز بقوة بعد وفاة رفسنجاني، يتردد في بعض الأوساط أن الشاهرودي هو المرشح الأنسب، نظرا إلى منصبه الديني وموقفه الأقل وضوحا ضد الإصلاحيين، الأمر الذي يزيد جاذبيته. ولكن عموما ليس هناك شيء مضمون، فالمرشد المقبل ربما يكون شخصا آخر كليا. ففي مرحلة الخلافة السابقة التي حدثت عام 1989، لم يُعتبر خامنئي سياسيا بارزا كما أنه افتقر إلى المؤهلات التي تحلّى بها سلفه. كما أن الحرس الثوري كان عبارة عن هيئة عسكرية شعبية، لعبت دورا في الحرب بين العراقوإيران، ولم يكن قد وصل إلى نفوذه الحالي في شؤون النظام". استشراء الفساد قال معهد واشنطن إنه يصعب اليوم العثور على شخصية بارزة، لم تتعرض لاتهامات علنية بالفساد الهائل، أو انتهاك حقوق الإنسان، أو قمع المجتمع المدني، فلاريجاني وروحاني والشاهرودي كانوا موضع تقارير وبيانات واسعة الانتشار عن الفساد المالي. كما أن الحرس الثوري تحوّل إلى هيئة عسكرية سياسية مالية، لها دور رسمي وخفي في التحكم بكل جوانب الاقتصاد والسياسة. كما أن الاستياء الشعبي يتعاظم يوما بعد يوم. ولذا، فمن شأن هذا النقص في الشرعية أن يحول دون إتمام عملية الخلافة بالسلاسة نفسها التي عرفتها عام 1989. وثمة تعقيد آخر يكمن في أن كثيرا من المؤسسات، مثل "لجنة الإمام الخميني"، وغيرها خضعت لتحوّلات كبرى على مر السنين. ومن المحتمل أن يُضطرها حجمها الهائل إلى التدخل في آلية الخلافة بدرجة معينة. ونتيجة ذلك، قد تكون هوية المرشد الأعلى المقبل أقل أهمية مما كانت عليه في الماضي، لأن المؤسسات التي ستوصله إلى السلطة تتوقع منه تطبيق أجندتها، وفي هذه الحالة، سيكون من المنطقي افتراض أن الحرس الثوري سيكون الخلف الفعلي لخامنئي.