أثارت معايير الفسح والرقابة في معرض جدة للكتاب جدلا بين عدد من المثقفين، على خلفية حظر بيع كتاب «معارك التنويريين السعوديين لمحو الظلام»، من قبل إدارة المعرض، دون إبداء أي تفاصيل لأسباب ذلك المنع، وهو ما أشعل التساؤلات حول أسباب عدم فسحه للمشاركة في المعارض السعودية، خاصة أنه يحوي مقالات سبق نشرها في الصحف السعودية. أثار كتاب "معارك التنويريين السعوديين لمحو الظلام"، جدلاً بسبب عدم فسحه، خلال معرض الكتاب الدولي بجدة، الذي يسدل الستار على فعالياته غدا، إضافة إلى إثارته تساؤلات عن معايير الفسح والرقابة، كون محتوى الكتاب، مقالات سبق نشرها في الصحف السعودية! تصريح الناشر الدار الناشرة للكتاب المكون من 2397 صفحة ويقع في 4 أجزاء، والذي وُصف ب"الوثيقة المرجعية" -بحسب يعقوب إسحاق أحد المؤلفين إلى جانب محمود بترجي- أكدت ل"الوطن"، حظر بيعه من قبل إدارة المعرض، دون إبداء أي تفاصيل لأسباب ذلك المنع. وكشف إسحاق، ل"الوطن" أن وزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور عبدالعزيز خوجة كان آخر من قدمت له ملاحظات بشأن الكتاب من الجهاز التنفيذي لفسح الكتب. الكتاب الذي وجد طريقه في روزنامة المعارض العربية، لا يزال غير مفسوح في المعارض السعودية، منذ إصدار طبعته الأولى في نوفمبر 2011، ويختصر عقداً ونصف (15 عاماً)، من جدليات ما دونته مقالات الكتاب في الصحافة السعودية، وخوضها في الحراك الاجتماعي، والثقافي، والديني.
التوثيق والدهاليز الجديد في النسخة المحدثة، -بحسب إسحاق أيضا- يتمثل في أن الكتاب سيضيف بعداً جديداً في معارك من أُطلق عليهم "التنويريون السعوديون" من جيل الرواد منذ خمسينات القرن الماضي، كعزيز ضياء، ومحمد حسن عواد، وأحمد السباعي، ويحمل الكتاب هدفين رئيسيين، الأول التوثيق الدقيق للحراك الثقافي والاجتماعي، وصدام التيارات الفكرية بين من وصفهم ب"التنويريين"، و"المحافظين"، خلال حقبة مهمة في تاريخ الصراعات بين الجانبين. وتوجهت "الوطن" بسؤال مباشر إلى المؤلف إسحاق، حول افتقاد الكتاب لعنصر الحيادية المفترضة في أي مرجع توثيقي، ليعترف ب"انحيازه" في توثيق مقالات طرف على حساب آخر. إذ شكلت الصحوة، أحد البنود الرئيسية الاستفتاحية للمعارك اللاحقة – وفقاً لوجهة الكتاب- ومحاولة ربطها بالعمليات التكفيرية وخروج من أطلق عليهم بالجهاديين، الخارجين من عباءة الصحوة، حسبما ورد في الصفحات الأولى من الكتاب.
مؤشرات ظنية رغم عدم وجود أسباب ظاهرية لحظر الكتاب في المعارض المحلية، إلا أن يعقوب إسحاق، يرجع ذلك إلى جملة مؤشرات ظنية عنده وليست مؤكدة، منها العنوان الذي ربما استفز بعض التيارات، إضافة إلى مقدمته، وحزمة المقالات الكثيرة التي تعبر عن لون فكري واحد. طريقة تحديد الوثيقة المرجعية "معارك التنويريين السعوديين لمحو الظلام"، للجدل تقوم على أسس محددة، استقصاء أهم معارك الكُتَّاب المقصودين، والتي تتراوح ما بين 4 إلى 7 موضوعات أثير حولها الجدل الاجتماعي والثقافي والديني المحلي. لكن اللافت في الجزء الأول إدراج نجل مفتي المملكة الراحل أحمد بن عبدالعزيز بن باز، ضمن من خاضوا معارك تنويرية، مستعرضاً أهم معاركه، ك"أوقات الصلاة والإلزام بها في وقت محدد، قيادة المرأة للسيارة كونها قضية حقوق لا أولوية، إضافة إلى استعراض معارك الاختلاط، التي أوردها رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة سابقا الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي.