فيما أصبحت مدينة حلب وعاء للموت والدمار، رغم تواصل عمليات إجلاء المدنيين، أعادت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية، ما ذكره مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، في أكتوبر الماضي بأن ما حدث في حلب يحيي ذكرى الإبادة الجماعية في رواندا التي وقعت عام 1994، لافتا إلى أن سورية في طريقها كي تُصبح "رواندا الثانية". ونقلت المجلة عن الكاتب مات بربل، أن المذابح الجماعية في رواندا أسفرت عن مقتل نحو 800 ألف شخص، خلال ثلاثة أشهر عام 1994، على أيدي عناصر من قبائل الهوتو الذين استهدفوا أفراد أقلية التوتسي، مشيرا إلى أن نحو 85% من الروانديين ينتمون إلى إثنية الهوتو، غير أن أقلية التوتسي هيمنت على البلاد لفترة طويلة، ومن ثم فقد كانت الرغبة هي القضاء على هذه الأقلية. أرقام مفزعة أضاف الكاتب "عمليات القتل الجماعية التي اجتاحت رواندا انتهت بإزهاق مئات الآلاف خلال ثلاثة أشهر، أما الحرب الأهلية السورية فقد امتدت لأكثر من خمس سنوات، ومع ذلك فإن أكثر أعداد وفياتها المفجعة لا تتجاوز 300 ألف. فيما وقعت حادثة الإبادة الجماعية في رواندا وسط حرب أهلية لم تشتعل بسبب صراع على الأرض أو على أساس أيديولوجي، بل عرقي. وحتى في حال قبول المقارنات المرنة بين مجازر حلب ورواندا، فإن هنالك مشكلة أساسية، هي أنه على أي أساس تمت المقارنة بين ما يحدث في سورية وما جرى برواندا، لاسيما مع تذكر حرب الكونغو الأولى، التي بدأت بعد نزوح الروانديين ومقتل مئات الآلاف في سبعة أشهر، كما وقعت حرب الكونغو الثانية عام 1998، فضلا عن أن جمهورية إفريقيا الوسطى ما زالت منغمسة في حرب أهلية بين جماعة سيليكا المسلمين وميليشيات أنتي بالاكا المسيحية.
قارة مهمشة أشار باربل إلى أن الحرب الأهلية بجنوب السودان أيضا تُثير المخاوف بشكل عظيم، لافتا إلى أنه حذر في خريف 2015 من تدهور الأوضاع هناك ومنذ آنذاك والوضع يزداد سوءا، ومبينا أن إحصائيات الوفيات تتراوح من عشرات الآلاف إلى ما يصل إلى 300 ألف حالة وفاة. وأوضح باربل أن ضحايا الحروب في إفريقيا، لا تقتصر على المدنيين حيث تسببت في إحراق القرى واغتصاب النساء وموت الرضع وتجنيد الأطفال، لافتا إلى أن الحرب في إفريقيا عادة ما تكون حربا شاملة. ووصف إفريقيا بأنها قارة مهمشة، مشيرا إلى الوجود المحدود للولايات المتحدة في إفريقيا، خاصة أنها لا تمتلك مستعمرات في هذه القارة، وقال "حتى مع التوسع الحديث لداعش وظهور بوكو حرام، فإن العراق لا يزال مركز الحرب على الإرهاب". وعد باربل تشبيه حلب برواندا يسلط الضوء على النفاق الواضح جدا في سياسة الغرب الخارجية، وهي بقعة عمياء تهمّش قارة بأكملها، مبينا أن لدى الغرب معيارا مزدوجا إذا تعلق الأمر بإفريقيا.