فيما تواصل روسيا والميليشيات الايرانية وقوات نظام بشار الأسد شن حربها الدموية في حلب، سارعت طهران قبل أيام إلى الإعلان عن استعدادها لوضع قاعدة همدان الجوية مجددا بتصرف القوات الروسية، وذلك بعدما طلبت من موسكو في أغسطس الماضي مغادرتها، وهو ما اضطر روسيا إلى استبدال القاعدة الإيرانية بحشد قوات بحرية وبرية وجوية ضخمة في سورية وأمام سواحلها بما أوحى أنها استغنت عن الخدمات الإيرانية نهائيا. وقالت صحيفة "فزغلياد" الروسية المقربة من الكرملين، إن التغير المفاجئ في موقف طهران من استخدام روسيا قاعدة همدان الجوية له "حيثياته السياسية العالمية"، مشيرة إلى أن دافع إيران لاتخاذ هذا القرار هو خشيتها من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان مستشار وزارة الخارجية الإيرانية، حسين شيخ الإسلام، أعلن أن طهران مستعدة من جديد لوضع قاعدة همدان الجوية تحت تصرف القوة الجوية الروسية إذا تطلب الوضع في سورية ذلك. مزاعم طهران ذكرت وكالة "ريا نوفوستي" للأنباء، أن شيخ الإسلام قال إن "القوة الروسية، في حال نشوء مثل هذه الضرورة، وبعد الاتفاق على ذلك مع الجانب الروسي، تستطيع استخدام هذه القاعدة لتنفيذ مهمتها العسكرية في سورية"، مضيفا أن إيران على استعداد من جديد لمنح الجانب الروسي إمكانية تزويد الطائرات الروسية بالوقود وقيامها بالطلعات الجوية من هذه القاعدة". وبينما أعلن وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، في وقت سابق، أن استخدام روسيا للقاعدة الإيرانية عمل مرفوض، عاد الأسبوع الماضي، ليؤكد أن القوة الروسية تستطيع من جديد استخدام القاعدة، إذا ما تطلب الوضع ذلك في سورية، كما أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، محادثة هاتفية، ناقشا خلالها مجالات التعاون بين البلدين. الاعتماد على موسكو لفت انتباه المراقبين أن الاتصال الهاتفي هذا تزامن مع ما تعتبره موسكو تقدما لروسيا وقوات النظام والميليشيات الإيرانية في حلب، ومع قرار إيران دعوة القوة الروسية من جديد إلى قاعدة همدان الجوية، وقال المتخصص الروسي في الشؤون الأميركية بوريس ميجويف إنه لا يستبعد أن يكون للتقارب الجديد بين إيرانوروسيا صلة بفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية. أما رئيس قسم دراسة النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط في "معهد الإنماء الابتكاري" في موسكو أنطون مارداسوف، فأشار إلى أن لهجة ترامب وفريقه المعادية لإيران، هي سبب التقارب، وقال: "حتى لو كان هؤلاء لا يملكون استراتيجية واضحة إزاء إيران، فإن طهران سمعت جيدا وعودهم الانتخابية بإعادة النظر في الاتفاق النووي، ولذا قرر الإيرانيون الاعتماد على روسيا في حال ظهور تناقضات جديدة مع واشنطن".