أندس في فراشي، لا شيء يسر، قلق، الحرب، الراتب، الرغيف، التشرد، الأطفال، وفي ذيل القلق السلام، أغمض عينيّ! أغرق في لجة النوم كمهاجر عبر زورق في لجة المحيط، أقتل طفلا بدم بارد، أنزع جلده… أستيقظ فزعة، أحملق في الفراغ. أتلمس يديّ الخاليتين من سلاح الجريمة، كابوس! كابوس. تتساقط دموعي الغزيرة، أتحسس أعماقي الهشة، أتساءل في ألم، من عدوي؟ الأخبار، أفلام الحرب والرعب التي تستوطن قنوات العالم أجمع - خاصة القنوات الموجهة لدول العالم الثالث، عالم الأيدلوجيات والروحانيات - ألعاب الأطفال في أجهزة الآيباد والبلاستيشن، المصارعة الحرة، أميركا تزرع الدمار، إيران تقتل السوريين والعراقيين، الحوثيون يقتلون أبناء جلدتهم بدم بارد، اليهود صناع الدمار، شاب يقتل أمه، شاب آخر يسلخ كلبا حيا، أحاديث المجالس .. يرتفع صوتي بالبكاء والاشمئزاز.. أشعر برغبة في تغيير دمي وذاكرتي، أتناول هاتفي، أفتح مجموعات "الواتساب"، أكاذيب منسوخة، مدافعون عنها، رسائل تخدير، إنذار: ممنوع الخوض في الدين والسياسة. أبحث عن موضوع أخوض فيه! الحب أتذكر حلمي المزعج! ووجه الطفل الذي رأيتني أقتله، من أين يأتي الحب؟! أتنقل بين قنوات التواصل، ماكياج، أطعمة، إعلانات صاخبة، كاذبة، متابعون كثر … تحذير: بطارية الجهاز تستنزف. أتجه للتلفاز، أدير القنوات. حرب، غناء، عري، تضليل، والعالم العربي يمتلك موهبة الغناء، يغني فوق أنهار الدماء، وصراع الجوع والفقر.. وجثث الأبرياء، سيغني هؤلاء المطربون الأثرياء حتى آخر قطعة نقود في جيبك وآخر قطرة في دمك وآخر ذرة كهرباء في بيتك، سيحزمون حقائبهم نحو أميركا عندما لم تعد قادرا على الرقص فوق ألمك.. غنِ يا وائل كفوري ..اصنع أبطالا في الغناء كي تسكن أصواتهم خرائب المدن العربية المهجورة، حيث تتكاثر الغربان والبوم والقطط الضالة. أغير القناة.. أخبار الرغيف، جوع الأطفال في بلاد الزيتون والنخيل والعنب، وفي إفريقيا التي تبكي في صمت، وبورما حيث يصلب المسلمون أحياء…. الطائرات، انتخابات أميركا، النفط، الصواريخ، العرب يتقاتلون سواء سكنوا الخيام أم سكنوا القصور! يشترون السلاح وهم يقرؤون علاقات الدم والأخوة واللغة والدين والجوار. الطرقات التي جمعتنا ذات زمن ترفضنا، تتقيؤنا، تلفظنا كروح باردة منسلة في الظلام، أستجدي النوم، تلاحقني الأفكار والوساوس، والأسئلة ووجوه العابرين ..لا أحد هنا ..المدن خاوية، القرى تكتظ بالعائدين ..نصنع النهايات باقتدار، بأيدي العابثين، مسكّن، مسكّن كي أنام دون أحلام، يارب... أنظر للسماء، الشمس، الطائرات تحجبها، تتجه نحو الحدود، أخبار الموت لا تسرني حيث كانت. أقف في النافذة، أعلق تعاويذ السلام والعودة، قشعريرة، أستغفر ربي، أسارع لإلقائها في سلة المهملات، أرفع يديذ بالدعاء يا أمان الخائفين. يا أمان الخائفين. فاطمة الغامدي