أربعون عامًا مضت وما يزال العم حسن الحميد يمتهن صناعة "الكر" الذي يصعد به الفلاح على النخلة، مستفيدًا من "الليف" وبقايا أعواد السعف الذي يؤخذ من النخلة نفسها، وهذا الكرُّ كما يسميه "الفلاحون الأحسائيون" لا يستغني عنه أي مزارع وقت تلقيح النخيل وحصاد التمر، فلا يمكن صعود النخلة الطويلة إلا به، ويأخذ الكرُّ شكلاً مستطيلاً مبطنًا بالحبال والليف وأعواد السعف، وله طرفان طوليان من الحبال، يلفهما المزارع حول جذع النخلة ليصعدها. وعرف المزارعون الأحسائيون هذه الآلة الزراعية منذ القدم، وتوارثوا صناعتها جيلاً بعد جيل، إلا أنها ظلت محصورةً في هواة ومهرة يشهد لهم بإتقانها، لأن أي غلطةٍ في الصناعة تؤدي إلى سقوط مستخدمها من على النخلة ومن مسافات طويلة تصل إلى 10 أمتار أحيانًا قد تؤدي إلى الموت في لحظة السقوط مباشرة. ويؤكد العم حسن أن صناعة "الكر" أمانة ليست سهلة، فهاجس الإتقان يطارده منذ بداية الخيط الأول في "الكر" حتى ينجز عمله خلال يومٍ كاملٍ، ومع فتل كل حبل يتأكد الحميد من صلاحيته ومدى قابليته للتحمل، وكذا بقية أدوات التجهيز، ويجري تجربة قبل إنزال مصنوعاته للسوق حرصًا على سلامة الغير هكذا تحدث إلى "الوطن" . ويشير الحميد إلى أن الإقبال على الشراء يزداد وقت "الصرام والتلقيح"؛ لأن صعود النخلة قليل وفي فترات محدودة، ويتراوح سعر "الكر" ما بين "100" و "120" ريالاً، أما طريقة استخدامه فسهلة ولا تحتاج إلى مهارة عالية بل لياقة بدنية، وأصبحت العمالة التي تدير شؤون المزارع متفننةً في استخدامه رغم عدم وجوده في بلادهم التي لا تعرفه أصلاً، ومنهم من لا يحبذ استعماله بل يكتفي بصعود النخلة مباشرة، الأمر الذي يعني محدودية صناعة "الكر" وانحصار استعماله شيئًا فشيئًا، ويصبح مقتصرًا على المشاركة في المهرجانات التراثية التي تولي الحرف الشعبية اهتمامًا، ويشير إلى أنه يشارك بمهنته في أغلب دول الخليج التي تهتم بمثل هذا التراث، وإلى جانب ذلك يجيد العم حسن صناعة السفر الخوصية وكل مشتقات الخوص والليف.