أثار قانون المالية لسنة 2017 الذي طرحته حكومة الوحدة الوطنية الوليدة برئاسة يوسف الشاهد، ردود أفعال واسعة وسط الأطراف الاجتماعية والسياسية، وطالبوا بإسقاطه، بحجة أنه لا يتماشى مع بنود وثيقة قرطاج الموقعة من قبل جميع الفرقاء السياسيين، فيما قال خبراء إن هذه التجاذبات التي تعيشها حكومة الوحدة الوطنية في تونس تهدد بعزلة سياسية مع معارضة الأطراف الاجتماعية والسياسية والنقابات لمشاريع القوانين المقترحة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الهش والأمني الحساس. وكانت حكومة الوحدة قد طرحت في أغسطس الماضي، مشروع ميزانية الدولة لسنة 2017، والتي قدمت فيها مجموعة من الخطط والتدابير للسيطرة على العجز في الميزانية، وخلق مزيد من فرص العمل، من ضمنها خفض أجور العاملين داخل القطاع العام، وزيادة فرض الضرائب على الشركات المختلفة، الأمر الذي رفضته عدة أطراف نقابية وسياسية، ودعت إلى إسقاطه خلال جلسة برلمانية. تفاقم المشاكل الاجتماعية في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد العام التونسي للشغل- المنظمة النقابية الأكبر في البلاد-، رفضه قرارات تجميد رواتب الموظفين، واعتبرها خارجة عن وثيقة قرطاج، والتفافا على كل الاتفاقيات المبرمة، ودعا كل العاملين في جميع القطاعات إلى الخروج والدفاع عن حقوقهم، إضافة إلى رفض اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، قرار الحكومة، يحذر خبراء من تأزم الأوضاع في البلاد بسبب الفرقاء السياسيين، وغياب تحقيق المصالحة الوطنية، التي من الممكن أن تزيد من جذب رؤوس الأموال الأجنبية، الباحثة عن أوضاع أمنية مستقرة، في وقت يعاني فيه المواطن من ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وقلة فرص التشغيل. أزمة الإضرابات في إشارة لرفض قرارات الحكومة، نفذ المحامون التونسيون أول من أمس إضرابا عاما، من خلال غلق جميع مكاتب المحامين، والتواجد بمقرات المحاكم. وقال عميد المحامين عامر المحرزي في تصريح إلى "الوطن"، إن "مشروع قانون المالية المقدم من طرف الحكومة، والذي ينص على الترفيع في الأداء على القيمة المضافة من 12 إلى 18%، يعد أمرا مرفوضا، خاصة أنه يمثل عبئا ماديا كبيرا على المحامين الشبان"، مستنكرا ما يروج بخصوص تهرب المحامين من دفع الضرائب. كما دعا مجلس الهيئة جميع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والهيئات المهنية إلى توحيد الجهود للتصدي لهذا المشروع الخطير وعواقبه الوخيمة على السلم الاجتماعي بالبلاد، ومن المنتظر عقد جلسة عامة استثنائية لعموم المحامين للنظر في خطوات التصعيد القادمة. الدعوة إلى الحوار أكدت حركة النهضة في بيان لها على ضرورة تكاتف الجهود، مع مراعاة قدرات كل طرف دون إثقال كاهل أصحاب الدخل المحدود، إلى جانب دعم الإجراءات الرامية لاسترجاع نسق النمو واستعادة الثقة في الاقتصاد الوطني ودفع التنمية بالجهات الداخلية بهدف تحقيق أكثر فرص للتشغيل وتحسين ظروف عيش المواطن، مع الحرص على مقاومة التهرب الجبائي، والتصدي للتهريب، ومكافحة الفساد، وتحقيق العدالة الجبائية بين مختلف الشرائح الاجتماعية. ودعت حركة نداء تونس الحاكمة إلى ضرورة تمسك كل الأطراف الاجتماعية والسياسية والنقابات المهنية بمبدأ الحوار والتفاوض بفتح باب التشاور مع حكومة الوحدة، للتوصل إلى سن قانون ناجع يستجيب إلى توجهات وأهداف وثيقة قرطاج.