نشر مقطع (فيديو) في إحدى القنوات الفضائية العربية يظهر شابا سعوديا (يطلق عليه أبوسن)، لبروز إحدى أسنانه، وهو يتحدث ويتكلم مع شابة مراهقة (أميركية الجنسية) قد تصغره سنا حسب صورتها، حيث إنه يبلغ (التاسعة عشرة من عمره، ودخل مع هذه الشابة المراهقة في حوار وحديث وصل إلى الكلام الغزلي بينهما، وعند انتشار هذا المقطع طاردته الشرطة (شرطة منطقة الرياض)، وتمت معرفته من خلال هذا المقطع المصور وتم القبض عليه وما أعرف مصيره، لكن سوف يدخل في عملية دائرة (التحقيق والادعاء العام)، فأنا أقول إن هذا الشاب (أبوسن) ما زال في سن المراهقة، وإن ما قام به يعتبر (عبثا صبيانيا)، بحكم هذه المرحلة التي يعيش فيها مثله مثل أي شاب تتاح له فرصة التحدث مع مراهقة أميركية أو غيرها، فغيره (كثر) لكن الله ستر عليهم ولم تظهر صورهم في وسائل (التواصل الاجتماعي)، وأنا أتكلم من واقع خبرة ميدانية لأكثر من ثلاثين سنة من تعاملي مع مثلهم في هذه السن أو أقل. فمثل هذا الشاب وغيره قد يكون انحدر من أسرة لم يترب وينشأ على معرفة حدوده في التربية والتنشئة الإسلامية الصحيحة من حيث الصح والخطأ، من حيث العيب في السلوك والكلام والتزام الحياء، بمعنى أن خبراته الاجتماعية في الحياة ضعيفة وقليلة بحيث تعمل له ضوابط ومعايير اجتماعية صحيحة، فكما قلت كنت أتعامل مع هؤلاء المراهقين في الوسط الذي يعيشون فيه أنا وزملائي في المؤسسات الاجتماعية الإصلاحية كمدير لها، نتقبلهم كما هم، لأنهم جاؤوا من بيئات وثقافات وموروث شعبي مختلف من بعضهم البعض، ومن ثم يبدأ التعامل معهم بعد دراسة وضعهم من جميع الجوانب الأسرية والاجتماعية والبيئية والمدرسية والذاتية والجيرة حتى يتم تشخيص كل حالة ووضع الخطة العلاجية لها على مر الأيام والشهور، لأنهم يعيشون في بيئة تحت أنظار الجميع، لما يقدم لهم من خدمة ورعاية خلال اليوم الكامل، وبعد هذه الرعاية سواء قلت أو طالت يعادون ويعيشون مع أفراد أسرهم ومجتمعهم، وقد تعلموا وتشبعوا خبرات اجتماعية وعرفوا الموروث الشعبي الذي يؤهلهم لمعرفة الخطأ من الصواب، ويعرفون حدودهم في الكلام الطيب والمقبول مع أنفسهم وأفراد أسرهم ومجتمعهم وغيرهم بحيث لا يزلون بكلام فاحش أو قول فيه هرج ومرج. فهذا الشاب الذي ظهر في هذا المقطع يبدو أنه لم ينصهر كما قلنا في حظيرة المجتمع الإيجابية حتى يعرف ما ذكرناها أعلاه. فهو بحاجة إلى إعادة تنشئة وتربية عن طريق وجدانه النفسي والعاطفي، من أجل تقويمه وإصلاحه سلوكا وفكرا وأخلاقا، أما إظهاره والزج به في إحدى وسائل الإعلام المرئية وكشف عورته السلوكية والأخلاقية أمام الملأ وعدم معالجة الموقف بحكمة وترو فسوف يجعله يتمرد على نفسه وأسرته ومجتمعه، لأنه قد يقول في قرارة نفسه ليس بعد هذا شيء فالكل عرف عن فعلته هذه؛ أسرته وجماعته وجيرانه ومجتمعه. أما هذه القناة الفضائية التي اعتبرت هذا سبقا إعلاميا لها فقد وضعت ورمت حجرا في المياه الراكدة التي كانت في غنى عنها لكثرة موادها الإعلامية، وجعلت المشاهدين يبحثون عن من هو (أبوسن)، ومن يكون، وبدأ كل مشاهد يغني على ليلاه حتى جاءت الطامة على رأسه وأسرته وأهله، فهذه القناة تستحق المساءلة.