كانت وجهتنا العائلية لزيارة الأقارب من المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث في هذه الدولة الآسيوية، بالإضافة للسياحة، وكنا غير متفائلين لهذا الجانب، فالفكرة الاستباقية التي وضعت في مخيلتنا لما سنشاهده هي رؤية أعمدة المصانع وأبخرتها وغير ذلك من الصور لسمعة دولة صناعية اشتهرت بصناعة السيارات والجوالات والأجهزة وصناعات أخرى عديدة. فمنذ أن وضعنا أقدامنا في تلك البلاد لم نشاهد ما توقعنا، بل تجاوز ذلك إلى قصة من الإبهار استمرت طيلة إقامتنا، لذا سأختصر أهم المشاهدات لهذا الشعب الطموح الذي صنع هذه الحضارة في قترة وجيزة لا تقاس بعمر الدول المتقدمة، فهو لم يبك على اللبن المسكوب وبدأ من حيث انتهى الآخرون، ووظف إمكاناته ومقدراته لنشأة ذلك النمر الآسيوي (كوريا الجنوبية) التي تعتبر من أسرع دول العالم نمواً في نصف القرن الأخير، وفي جميع المجالات التقنية والطبية والسياحية والصناعية...إلخ. ومما يدعو للدهشة والإعجاب لهذا التفوق أن 80 % مما يُستخدم هو صناعة كورية بحتة. فالسيارة والجسر الذ ي تمشي عليه صناعة كورية. والمصعد والجوال وشاشة التلفاز وغير ذلك جميعها من إنتاج محلي، بالإضافة إلى كثير من المواد الغذائية وأدوات التجميل.. وهلم جرا. أما صناعة السياحة فيها فواضحة وجلية بما يقدم للسائح من خدمات راقية، مقابل رسوم رمزية لا تكاد تذكر، واهتمام بالتفاصيل أدى إلى نجاحات كبيرة في هذا المجال، واستثمار جمال الطبيعة المذهل ابتداء من العاصمة سيؤول إلى مناطق كثيرة تأسر السائح بجمالها وارتيادها كالجزيرة الفاتنة (جيجو).. ويزيد هذا الجمال التعامل الراقي مع الآخر والتعايش معه ليحقق المقولة الشهيرة (رأيت إسلاماً بلا مسلمين). وجدنا ذلك في مداعبة أطفالنا والتودد إليهم، والمبادرة بالابتسامة والترحيب، واحترام الوقت والنظام، والإتقان في العمل. عزيزي القارئ.. تجربة كوريا الجنوبية في صناعة النجاح تستحق أن تدرس في أرقى الجامعات العالمية، وستكون وجهة سياحية قادمة رائعة.