كشفت الورشة التحضيرية التي عقدتها مؤسّسة الفكر العربي بالتعاون مع الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية لمؤتمرها السنوي "فكر15"، في مقرّ الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة في القاهرة، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط، والمدير العام لمؤسّسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، عن أبرز ملامح المؤتمر المقبل، وخصوصا ما يتعلق بتقريرها السنويّ التاسع للمشهد الثقافيّ في دول مجلس التعاون، الذي اختارت له عنوانا هو "الثقافة والتكامل الثقافيّ في دول مجلس التعاون: السياسات، المؤسّسات، التجليّات". حيث ذكر الدكتور هنري العويط أن مؤسسة الفكر لاحظت في ضوء متابعتها ما يُنشر من دراساتٍ وأبحاث وتقارير عن دول مجلس التعاون، أنّه غالباً ما يتمّ التركيز فيها على ثرواتها النفطيّة، وازدهارها الاقتصاديّ، ونهضتها العمرانيّة، واستقرارها الأمنيّ، وقلّما يتمّ فيها إبراز ما تشهده من نشاطٍ ثقافيّ وحرَاكٍ فكريّ. ومع اعترافها بأهميّة ما كُتب في هذا المجال، فإنّ المؤسسة تعتبر أنّ المكتبة العربيّة ما زالت تفتقر إلى دراسةٍ جامعة ووافية حول الواقع الثقافيّ في دول مجلس التعاون من شأنها أن ترسم لوحةً متكاملةً عن مبادراتها وإنجازاتها على هذا الصعيد، وما تثيره من إشكاليّات، وما تواجهه من تحدّيات، فضلاً عن آفاقها المستقبليّة. أبواب التقرير أوضح العويط أن التقرير السنويّ التاسع يتضمّن ثلاثة أبواب، الأول حول الإستراتيجية الثقافيّة المشترَكة لدول مجلس التعاون، والسياسة الثقافيّة المعتمَدة في كلّ دولةٍ من دوله الستّ، وأمّا البابُ الثاني، وهو من تمهيدٍ وعشرة فصول، فيُعنى بالتعريف بأبرز المؤسّسات والهيئات والمراكز الثقافيّة، من حكوميّة وغير حكوميّة، وبنشاطاتها، وإنجازاتها، مستعرضاً مراكز الأبحاث والدراسات، والدوريّات والملاحق والصفحات والقنوات الثقافيّة، وجمعيّات اللغة العربيّة، ومؤسّسات الترجمة، وجوائز الإبداع، ومعارض الكتب، ومعارض الفنون التشكيليّة، والنوادي، والمراكز الثقافيّة، والمتاحف والآثار والمخطوطات، والطوابع، وراسماً دورَها في الإنتاج المعرفيّ والحفاظ على التراث الشعبيّ الخليجيّ من فولكلور وغناء وموسيقى، وراسماً أيضاً دورَها في تحفيز العمل الثقافيّ، والإسهام في التنمية الثقافيّة. ويرمي البابُ الثالثُ الأخير، وهو من تمهيدٍ وثمانية فصول، إلى الكشف عن المشهد الإبداعيّ الخليجيّ من خلال القصّة، والرواية، والشعر بنوعَيه الفصيح والعاميّ، والسينما والدراما التلفزيونيّة، والمسرح، والفنون التشكيليّة، وهي المجالاتُ التي تسمح بالإطلالة على تجلّيات النهضة الثقافيّة الخليجيّة. محاور المؤتمر تحدّث مستشار رئيس مؤسّسة الفكر العربي أحمد الغزّ عن منهجية مؤتمر "فكر15" وأبرز المحاور والإستراتيجيات. وأكّد على الاستمرار في القواعد التي تمّ اعتمادها في مؤتمر"فكر14"والتي ترتكز على فلسفة السؤال وليس طرح الإجابات. وأعلن الغزّ عن طرح أربعة موضوعات جديدة، سيتم استخراج أسئلة لها خلال ورش العمل التحضيرية التي تسبق مؤتمر "فكر15"، وذلك بالتعاون والشراكة مع الجامعة العربية. وقال: الموضوعات هي: التحوّل الإستراتيجي 2030، إذ من المعروف أن عدداً من الدول العربية قد أطلقت إستراتيجيات من هذا النوع، ستتمّ مناقشتها في المؤتمر مع حرصنا على احترام الخصوصيّات الوطنية، والأسئلة التي سنثيرها تتعلّق بالتكامل العربي في سياق هذه التحوّلات. أمّا الموضوع الثاني فيتعلّق بالدول التي شهدت نزاعات، وأبرز التحدّيات التي تواجهها الدولة الوطنية المستقرّة ما بعد النزاع، أي أن مجال عملنا وأسئلتنا سيكون محورها الموضوعات المتعلّقة بالاستقرار وانتظام ووحدة وعروبة الدولة الوطنية. أمّا الموضوع الثالث فيتمحور حول القضية الفلسطينية، إذ وضعنا مجتمعين هدفاً حول قيام هذه الدولة، والأثر الذي ستحدثه على قضية التكامل العربي. أمّا الموضوع الرابع والأخير فيتعلق بقضية في غاية الأهمية، وهي التكامل الفضائي والرقمي العربي. الجلسات العامة سيتضمّن المؤتمر ثلاث جلسات عامّة، الأولى مخصّصة لدولة الإمارات العربية المتّحدة والتكامل الوطني، وأيضاً لمناسبة إحياء الذكرى ال45 لانضمام دولة الإمارات إلى جامعة الدول العربية. كما ستتضمن أعمال المؤتمر جلسة عامّة مخصّصة لمجلس التعاون الخليجي بمناسبة الذكرى ال35 لتأسيسه في 25 مايو 1981، وسيتمّ عرض هذه التجربة من منظور القيّمين على مجلس التعاون الخليجيّ، حيث إن مؤتمر "فكر15" سيناقش هذه التجربة دون التدخل في خصوصية الواقع الخليجي، وسيكون لكلّ ورقة مقدّمة معقّب خليجي. الجلسة الأولى بعد الجلسة الافتتاحية عقدت جلستان متوازيتان، تناولت الأولى محاور العمل المقترحة للمؤتمر السنوي "فكر15"، وناقشت الثانية الإجابات المقدّمة من الهيئات التكاملية والمجالس الوزارية المختصّة. وقد ناقشت الجلسة الأولى أربعة محاور هي: * الدولة الوطنية والاستقرار * التكامل العربي والتحوّلات الإستراتيجية * الدولة الفلسطينية والتكامل العربيّ * الفضاء الإعلامي والرقمي أدار الجلسة الدكتور محمد المعزوز عضو الرابطة الدولية للباحثين الأنتروبولوجيين ومدير مركز شمال إفريقيا للسياسات في المملكة المغربية، وشارك فيها عدد من الخبراء والمختصّين، من بينهم أحمد الغزّ مستشار رئيس مؤسّسة الفكر العربي، الدكتور نبيل عبدالفتاح مستشار مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في الأهرام، ورضوان السيّد أستاذ الدراسات الإسلامية في لبنان، والدكتور عبدالخالق عبدالله رئيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، والدكتور أنور بن محمد الروّاس رئيس مجلس إدارة جامعة ظفار، والدكتور معتزّ سلامة رئيس وحدة الدراسات الخليجية في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في الأهرام، فضلاً عن نخبة من المختصّين والخبراء. اعتمدت الجلسة على منهجية غير تقليدية في تناول الموضوعات، وذلك اتّساقاً مع الهدف الذي تسعى إليه المؤسّسة، وهو تجنّب إعادة توصيف الواقع والأزمات التي يعاني منها الوطن العربي، والخروج بأسئلة منهجية تقدّم رؤية استشرافية خلال أعمال مؤتمر "فكر15" المقبل. حيث كان التكامل العربي والتحوّلات الإستراتيجية هو المحور الذي وضع له المشاركون الأسئلة ذات الصّلة. بعدها انتقل المشاركون إلى المحور الثاني الذي تناول القضية الفلسطينية والتكامل العربي. وناقش المحور الثالث موضوع التكامل العربي وتحدّيات الاستقرار. وتناول المحور الأخير موضوع الفضاء الإعلامي والإلكتروني، وبرز سؤال رئيسي حول كيفية تحقيق تعاون وتكامل عربي فيما يتعلق بوسائل التكنولوجيا الحديثة؟ وكيف يمكن تطوير آليات التكامل العربي، فيما يتعلق بالبث والإرسال من خلال القمر الصناعى عرب سات؟ الجلسة الثانية أدار الجلسة الثانية عضو الهيئة الاستشارية لمؤسّسة الفكر العربي، الدكتور علي الدين هلال، الذي أكّد أن ثقافة التكامل تقود إلى تنمية مجتمعية، لكن في ظلّ التحريض والتربّص بالمنطقة العربية، فإن العوائق كثيرة أمام تحقيق تكامل ثقافي واقتصادي وأمني. وأكدّ المشاركون أن الواقع الثقافي والاجتماعي محكوم باستقرار الوضع السياسي والأمني والتعليمي وتعزيز قيم التسامح، وحذّروا من ثقافات الإقصاء مقابل ثقافة التكامل. وشدّدوا على أهمية العمل الثقافي العربي المشترك القائم على مبدأ النهضة والتقدّم وحقوق الإنسان والاستنارة وحشد الطاقات.