تعد مدينة البليد الأثرية من أهم المواقع الأثرية العمانية وأقدم المدن وأهم الموانئ التجارية على الشريط الساحلي وحافة بحر العرب بولاية صلالة بمحافظة ظفار، وتعتبر موقعا ثقافيا وأثريا من قبل اليونيسكو لما تضمه من إرث أثري ثقافي تكون عبر الأزمنة المختلفة. وعلى الرغم من الجهود والاكتشافات الكبيرة والمتعددة التي قامت بها وزارة التراث والثقافة والسياحة والتي تحكي أهمية المدينة إلا أن أعمال النحت والتنقيب لا تزال مستمرة لكشف المزيد من أسرار هذه المدينة التي تحظى بتوافد أعداد كبيرة من الزوار طيلة العام لزيارة المدينة "الموقع الأثري" ومتحف أرض اللبان وقاعاته المتعددة. تميزت المدينة بأهميتها التجارية حيث تشير الدراسات إلى أنها مرت بمراحل استيطان خلال فترات زمنية مختلفة، حيث عثر على مستوطنة من العصر البرونزي تعود إلى 2500 قبل الميلاد، وعدد من المستوطنات ترجع إلى العصر الحديدي "1000 ق م - 300 م" وفي نهاية العصر الحديدي ما بين القرنين "5 و6" تأسست مدينة منظمة إداريا، وخلال الفترة من "750 - 950" أصبحت مركزا تجاريا نشطا وتوسعت في فترات لاحقة ما بين 1000 م - 1200 م" وأشار إليها الرحالة ابن المجاور عام 1220 م، بأنها تسمى "المنصورة والأحمدية والقاهرة"، كما أنها عرفت باسم ظفار والبليد. واستمدت المدينة نشاطها التجاري وازدهارها من موقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي، الذي أسهم في تشجيع التجارة الدولية وخصوصا تجارة اللبان، حيث مدت المدينة جسور تعاونها التجاري مع مناطق مثل الهند ودول جنوب شرق آسيا والصين وموانئ شرق أفريقيا، وورد ذكر المدينة في كتابات عدد من الرحالة والمستكشفين مثل ابن المجاور1220 م، وماركوبولو 1280 م، وابن بطوطة 1325 م، و1340 م، والقائد الصيني "زنج هي" قائد الأسطول الصيني 1421 م، و1431 م، كما أن البلاط الإمبراطوري في منطقة "نان جنج" في الصين تبادل الوفود الرسمية مع مدينة البليد. وتحيط بالمدينة أسوار ضخمة تتميز بالمتانة والتحصينات الدفاعية التي يصل عرضها إلى خمسة عشر مترا وتتصل بأبراج دفاعية تتوزع على أسوارها. وتضم مدينة البليد ما يلي: حصن البليد يغطي مسافة تقارب 5000 متر مربع وتمثل أعلى نقطة في الحصن 13 مترا المراسي والقوارب توجد بالقرب من مدخل المدينة للزائر مجموعة من المراسي الحجرية، إذ كانت تثبت بها السفن في المياه العميقة، والتي يتجاوز طول بعضها الثلاثة أمتار وتزن 1000 كجم.
مساجد البليد أكدت نتائج المسوحات عن وجود أكثر من 50 مسجدا صغيرا منتشرة داخل المدينة وخارجها، معظمها لها بابان وبئر ماء ومكان للوضوء. جامع البليد الأثري يعود تاريخه إلى القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي "850 م" وتبلغ مساحته 1732 م2 وجدرانه مبنية من قوالب حجرية كبيرة، ويضم الجامع 144 عمودا موازيا لجدار القبلة جهة المحراب.