حاتم المشهدي كان طالبا نابها من أسرة فقيرة، عاش مع والدته المطلقة وزوجها الذي عوضه عن حنان الأب المفقود وسقاه حرفة النجارة.. تلك الحرفة التي أوقدت ولعه بالتفاصيل وشكلته بالمطرقة والأزميل. وبعد أن تخرج في جامعة جورج واشنطن عام 1968.. حصل على (منحة روديس للابتعاث) ذات البرستيج الأكاديمي والتي مكنته من السفر لبريطانيا لإتمام دراساته بجامعة إكسفورد.. ثم جامعة ييل ذائعة الصيت في القانون والمحاماة التي مكنته من العمل كمدع عام لولاية أركنساس.. وتدرج حتى أصبح حاكما لتلك الولاية الجنوبية لفترتين عام 1979 فاعتمد على إنجازاته بها لترشحه الرئاسي. وعندما أصبح الرئيس الثاني والأربعين في بداية التسعينات، قّدم أطروحته الشهيرة التي أحدثت تغييرا جذريا في المفهوم الاقتصادي للدولة، فطلب من الشعب ترك الوظائف الدنيا للعمالة الوافدة، وأن يطوروا من أنفسهم بالكورسات والمعاهد التي تؤهلهم للعمل في الوظائف المكتبية والحسابية والحاسوبية في الشركات الخاصة المعنية بتصدير البرامج و"السوفت-وير" بداية بمايكروسوفت، كوالكوم، إنتيل، وحتى هيولت باكرد للطابعات الرقمية. قال لشعبه: لا تشتغلوا بالمهن التي يستطيع الوافدون الكادحون القيام بها.. لأنهم سيغلبونكم برخص الأجور! وطلب منهم تعلم أنظمة الجرد الحاسوبي وفرز المستودعات، حجوزات، إلخ، وغيرها من المهن المتعلقة بالتكنولوجيا اليدوية "لأنكم إذا زاحمتم العمالة في الوظائف الدنيا "سباكة، كهرباء، نجارة، بناء.. إلخ.." فسترفعون أجور القطاع الخدمي، مما سيحد من سرعة عجلة النمو الاقتصادي المصاحب لثورة الإنترنت التي حدثت في التسعينات وامتد خيرها إلى كل شارع وحي أميركي. كان ذلك فصل قصير من فصول "سياسة بيل كلينتون الاقتصادية" التي دعمت المؤسسات الصغيرة وطورت اليد العاملة الأميركية، بدلا من سياسة الحماية التي تقوم بها دول العالم الثالث للشركات المحلية فلا تقوى على منافسة المنتجات العالمية فتترهل وتذبل. سيخلد التاريخ فترة ويليام جيفيرسون المعروف ب"بيل كلينتون" كفترة رفاه وفائض في الميزانية الأميركية نتيجة عقل جبار أدار دفة الاقتصاد الأميركي لمدة ثماني سنوات سمان.