قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمة الله- عندما زار منطقة جازان للمرة الثانية عام 1427: إن منطقة جازان تأخرت عن ركب التنمية لعدة عقود ونحن الآن لن نرضى حتى تصبح جازان في مقدمة قطار تنمية الوطن بسواعد أبنائها. وقد كانت زيارة الملك عبدالله الأولى لجازان قبلها ب6 أعوام حينما كان وليا للعهد، عندما ظهر مرض حمى الوادي المتصدع عام 1421 في المنطقة بسبب تدني مستوى الخدمات وهشاشة البنى التحتية في بعض المحافظات. حيث صدر وقتها مرسوم ملكي بتعيين الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أميرا لمنطقة جازان. اللواء الركن الذي عينته الحكومة ليخوض معركة تنمية جازان كان يعرف وقتها صعوبة المهمة التي أسندت إليه والتي بدت وقتها شبه مستحيلة. لكن الجنرال بدأ بإعداد عدته لهذه المعركة بعد عام من إسناد القيادة إليه، كقائد عسكري ميداني درس أرض المعركة واستكشف تضاريسها بنفسه، وأعد خرائط مسرح العمليات، حدد الأهداف، وهيأ خطوط الإمداد وخطوط الهجوم، وتعرف على مصادر التهديد ومكامن القوة والضعف "غير المنظور ورصد تحركاته ومناطق انتشاره، وهيأ رجاله "أهل جازان" للتعامل معه، بعد دراسة قدراتهم ومعرفة مصدر القوة فيهم. ثم بدأ بالبحث عن مكامن الخير في أرض جازان وسبل استغلالها لصالح تحقيق الأهداف، واختار من أهل الحل والعقد من أبناء المنطقة للمهمة، وقسمهم إلى لجان و قطاعات أوكل لكل منها التعامل مع جزئية في هذه المعركة الضروس، والتف حوله أبناء جازان بالمحبة والثقة لخوض غمارها، عقد تحالفاته مع أصحاب القرار في الدولة ورجال الأعمال في السوق السعودي، وقبل ذلك كله مستندا إلى الدعم المستمر وغير المحدود من قيادة هذا الكيان الكبير التي كان شغلها الشاغل مسابقة الزمن في تنمية أرض الفل ودرع الوطن. وبحكم عملي صحفيا كنت أحد شهود التنمية في جازان وأتيحت لي فرصة رصد خطوات هذا الأمير الذي كان من الصعب تغطية كل جولاته واجتماعاته التي كانت تكون على مدار الساعة. فبين مقر إمارته ومنزله المتواضع على شاطئ المدينة، يقضي محمد بن ناصر بن عبدالعزيز وقته يجتمع بالمسؤلين يخطط في صمت تماما، كما كان قبل ظهوره على ساحة الرأي العام لتحقيق النصر المنشود، مستشرفا مستقبل جازان الباهر. كان تواجدنا الدائم في مكتب سموه المشرعة أبوابه، يوحي لنا بأننا في مكتب رئيس مجلس إدارة شركة استثمار عالمية، فالحديث لا ينقطع عن استثمار جازان إنسانا وأرضا.