(الوعي أعلى درجات إتقان العقل) هكذا يفسر علماء الفلسفة والتنوير مفهوم الوعي. وفي مراحل المجتمع المدني يرى علماء الاجتماع سلسلة من الثقافات والظواهر السلوكية من خلالها يصنف وعي المجتمع بنسق قيمي معين. في محور الوعي العقلي إتقان آخر قد يتجه الحديث عنه إلى الفرد كنوع من الملكية التفكيرية التي يحملها الفرد ذاته، والحديث هنا عن ما هو الوعي؟ حتى نستطيع اكتشاف معاييره الأساسية التي تقودنا لبناء العقل والوصول لدلالات الوعي كأعلى درجات الإتقان العقلي. الوعي يعني: أن تفهم قدرات شخصيتك بإنصاف تام بعيدا عن الأنا. الكثير منا لا يدرك أعماق شخصيته. ولأن اكتشاف النفس يعتبر عملية مستمرة لا نهاية لها. كلما اكتشفت ذاتك أكثر (إيجابا أو سلبا) تزيد قوتك أكثر وأكثر، تفكر بعقلانية ورؤية أوسع. من هنا يأتي محور الاتصال العقلي بمحيطه وتقييم الأمور وإدراك حقيقة الأشياء من حولنا، حينها يستطيع العقل بناء استقلالية التفكير ويخرج من نمط التبعية التي حاصرت التلقي في كثير من الأشياء، خصوصا مع انتشار وسائل التواصل. وأصبحت مرجعية الأشياء منفصلة تماما عما يتم تداوله. وكما يرى الدكتور ديباك شوبرا (وجودنا نحن ووجود الأشياء من حولنا يعتمد على وعينا وتصورنا لها)، من هنا تبدأ مرحلة بناء الوعي في استمرارية وجودنا، ويقترن بلوغ دلالات الوعي التام بما نحمله من استفهامات واحتمالات وتساؤلات لكل محيطنا وما قد نصادفه في حياتنا اليومية. قد يحدث التساؤل الكبير، كيف يتحقق الوعي بالمفهوم العقلي وليس اللفظ المجتمعي السائد؟ يجب أن يبدأ العقل ببناء قاعدة معرفية وإدراكية عن نمط التفكير الصحيح والاطلاع على ثقافات أخرى وتحليلها وتقييم محتواها حتى وإن كانت لا تمثل مجتمعنا شمولا، لكن يقتبس منها المناسب لعقيدتنا وهويتنا، لسبب أن التنمية وبناء العقل حضور بارز في ثقافات الشعوب الأخرى، ومن خلال تجاربهم وتقدمهم يستطيع العقل أن يأخذ النمط الصالح لهويتنا وأفكارنا في إطار الحرية الفكرية التي ندب إليها إسلامنا. أدركوا أن أجمل استثمار يكون في العقل، حينها نستطيع صناعة الوعي في مجتمعنا.