عندما تزور الجاليري الخاص بفنان السيريالية البلجيكي فريديرك هيمان، وذلك في مدينة آنتويرب البلجيكية، عليك أن تقف طويلا أمام اللقطات التي تحويها هذه الصور، أو القطع الفنية التي ابتدعها والصور التي رسمها بفرشاته، وأكثر ما يستوقفك الصور، لأنها ليست مجرد صور عادية أو حتى خاصة التقطتها كاميرا فنان تجمع موهبته بين الهواية والاحتراف، بل صور تدخل هو فيها بفكره وخياله بل وأصابعه، ليصنع منها لقطات سيريالية وخيالية قد يحار كثيرون في تفسيرها، أو الوقوف وراء مغزاها. فهذه صورة لرجل ذي ذراع يمنى مفقودة، وأخرى لعظم فخذ تم تعريضها بالكاميرا وتسليط الضوء الأبيض عليها، وتلك لرجل به انتفاخ غير مبرر بصدره، ورابعة لشجرة ضخمة تكاد أن تسقط، وأخرى لسيدة معلقة في حبل، وهذه سيدة منجذبة من شعرها، وهكذا، يعمل جنون الفنان بنشاط في كاميرا هيمان، ليبدع لنا صورا هي أكثر جنونا وتميزا وروعة. ويقيم الفنان هيمان معرضا خاصا لفن البصريات والصور السيرالية بدءا من الأربعاء الماضي حتى 7 نوفمبر المقبل في العاصمة الهولندية أمستردام في قاعة تعرف باسم "براكى جروند"، ليعرض فنه المثير أمام الهولنديين، والذي يرى أنه فن يتناسب مع طبيعة العصر التي صارت مدهشة في كل شيء بل وينافسها، ويلقى معرضه إقبالا كبيرا من الجمهور المحب لهذه النوع من الفن. ويلخص هيمان فنه السريالي المصور بقوله "أرى في لمحة البرق سبعة أوجه، وإن فاتني مشهد البرق نفسه أو أثر وميضه على عيني وأفقدني الرؤيا بعض الوقت، أنتظر أكثر من ساعة ونصف لأسجل بالكاميرا مشاهد أخرى للبرق، هناك رؤيا واقعية نراها بأعيننا المجردة، ورؤيا خيالية خلف الحدث، وهي ما أسجله في صوري، وقد استلهمت رقم 7 من قصة الرجل الذي ضربه البرق 7 مرات ودخل موسوعة جينيس. وهيمان لا يخجل من الاعتراف بأن مصدر إلهامه في صوره السيريالية أحيانا أشكال القمامة بالحي الذي يقطنه، أو غضب الصحاب، وأشهر لقطاته وفقا له كانت في مدريد، عندما كان في زيارة سابقة لها وهبت عاصفة هائلة، فسجل كل ما جرى في الشوارع بعيون كاميرته وتلاعب بها خياله الفنان، وأهم عناصر فنه التي توحي له بالكثير المياه، والرياح، فكما خلفت كارثة تسونامي وفقا له مأساة إنسانية هائلة، خلفت لديه كما هائلا من الإبداع الفني الإنساني. درس هيمان البالغ من العمر 26 عاما، الفن وتصميم الرسومات والتوضيحات في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بمدينة آنتويرب، وشارك في إعداد عدد من الأفلام القصيرة والتي كشف من خلالها سريالية الخيال، وتأثير التفاصيل الغنية للصورة، والتي يعتقد من يشاهدها لأول وهلة أنها تفاصيل وضعت جنبا إلى جنب أو تم تجميعها عبر الفوتوشوب بالكمبيوتر، ولكنها حقيقة تفاصيل واقعية تلاعب بها خياله أثناء التصوير ليترجمها لقطات على الصورة. ويعمل هيمان أيضا كمصمم للأزياء، كما ينشر أعماله في أكثر من مجلة، ويعتبره البلجيكيون والأوروبيون عامة، نموذجا للفن السيريالي الذي يتصارع بين التجريد والفكاهة.