أثارت ورقة نقدية حملت عنوان "من أجل دراسة الأخلاقيات اللغوية"، الجدل في نادي جدة الأدبي والثقافي أول من أمس، عند إسقاط ذلك على مضامين ما تبثه مجموعات التواصل الاجتماعي، ووسائط الدردشة الهاتفية "واتساب"، والتي وصفها الناقد الدكتور سعيد السريحي ب"النفاق الاجتماعي". نفاق اجتماعي أشار السريحي في سياق تعليقه على الورقة النقدية التي قدمها الناقد الدكتور عبدالله الخطيب إلى الطرفة المتداولة على محيط التواصل الاجتماعي "تشوف رسائل واتساب القيمية تشعر أنك تعيش في مجتمع مثالي، لكن تخرج الشارع تجد نفسك في عالم آخر"، وهي طرفة تصلح أن تكون شاهدا على أنه ضرب من "النفاق الاجتماعي" الذي يحاول كثيرون أن يظهروا أنفسهم حريصين ومنافحين عن القيم المثلى والذي يصل إلى حد التشدد، رغم أنهم يمارسون في حياتهم اليومية ما لا ينسجم مع تلك القيم التي يدافعون عنها. ويشير السريحي، إلى أنه إذا ما أعدنا النظر ووسعنا دائرة مواقع التواصل الاجتماعي، بإمكاننا رؤية اعتماد الغالبية العظمى أسماء مستعارة، مما يحول دون ما يمكن أن يحققه ذلك التمسك بالقيم الأخلاقية والمنافحة عنها من فائدة شخصية تكون مبررة لوصف من يفعلون ذلك بالنفاق الاجتماعي، كما ينطبق ذلك على مجموعات "واتساب". علاقة الرمز والواقع أهم ما جاء في ورقة الخطيب، أن كل فعل أخلاقي يتضمن علاقة ما بالواقع الذي يُنجز في إطار، هو على علاقة بالرمز الذي يرجع إليه؛ ولكنه يحتوي على نوع من العلاقة مع الذات؛ وقال: "إن هذه ليست مقتصرة على الوعي بالذات، ولكنها تشكيلٌ للذات ك(فاعل أخلاقي) يحصر الفرد ضمنها الجزء من ذاته الذي يُشكل هذه الممارسة الأخلاقية، كما أنه يُحدد موقفه تجاه المبدأ الذي يتبع، ويعرّف نمطه الذي يسير عليه، والذي سيكون بمثابة استكمال لذاته الأخلاقية؛ ولإتمام ذلك، يقوم الفرد بالاشتغال على نفسه، والتعرف عليها، والتحكم بها، وامتحانها، وتطويرها، وتحويلها". مضيفاً أنه لا يوجد فعل أخلاقي لا يتكئ على وحدة تصرف أخلاقي؛ كما أنه لا يوجد تصرف أخلاقي لا يستحضر تشكيل الذات كفاعل أخلاقي؛ كما ليس هناك تشكيل للفاعل الأخلاقي من دون "أنماط للتحويل الذاتي"، ومن دون تزهد أو ممارسات للذات تساند هذه الأنماط". هاجس أخلاقيات اللغة نقائية اللغة كمصطلح حضرت في سياق ورقة الناقد الخطيب، والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بما يرد في هذا المحيط، متسائلاً من الذي يشعر بنفسه معنياً بالأخلاقية اللغوية، ومن الذي يسمح لنفسه بالاشتغال على أسلوب تعبيره، والحصول على سلوك لغوي غير السلوك الغريزي أو ذلك الذي يُملى عليه من الخارج؟ ويضيف أن هذا الهاجس قد يكون غير موجود لدى الأوساط الشعبية (والدليل على ذلك ما نراه من حالة التهكم والتشهير التي يقع تحت سطوتها المتقعرون بالكلام والجمل، أو "هذا الذي يعطي نفسه أكثر من حجمها"، ويتصرف كأنّه محام. ولكن في نفس الوقت نعلم أنّ هذه الأوساط نفسها تُعلي من قيمة الحكواتي وسريع البديهة والذي يردّ على ما يقال بجرأة.