عاشت مدينة القدسالشرقية، وبخاصة بلدتها القديمة، في شهر رمضان على وقع الحركة النشطة للفلسطينيين والمسلمين الذين شدوا الرحال باتجاه المسجد الأقصى المبارك، لتصل ذروتها في العشر الأواخر من الشهر، لكن مع انتهاء أيام الشهر الفضيل ترجع الأوضاع المأساوية إلى ما كانت عليه قبل حلوله، مما يقلق شرائح واسعة من المقدسيين، إزاء ما يفرضه الاحتلال على المدينة من حصار شامل وتهويد مستمر. خلافا لبقية أيام السنة، فإن حركة المواطنين في المدينة تنشط حتى ساعات ما بعد منتصف الليل في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر رمضان، وتصل ذروتها في العشر الأواخر من الشهر، حيث تتواصل الحركة على مدار الساعة. وفي وقت تتضاعف أعداد المصلين في المسجد الأقصى وتبلغ الآلاف، فإن شهر رمضان بالنسبة لكثير من المقدسيين موسم عمل، إذ تزدهر البسطات، خاصة في أزقة ومداخل البلدة القديمة، كما تبرز من جديد مظاهر تراثية في المدينة مثل مدفع رمضان والمسحراتي.
عروبة القدس قال وزير شؤون القدس، محافظ المدينة، المهندس عدنان الحسيني، في تصريح إلى "الوطن": إن "القدس في رمضان تعود إلى عروبتها وإسلاميتها، وتزداد رونقا وبريقا بأبنائها والزوار الذين يصلون إليها رغم كل الصعوبات، وفي رمضان يتجلى فيها والبلدة القديمة تحديدا، تراث وتاريخ المدينة العريق وعادات نشعر بمتعة كبيرة فيها". ويستقبل المقدسيون شهر رمضان كما يستقبلون الأعياد، فيزينون الأزقة والطرقات والحارات بالأضواء والزينة، ولا تتوقف حركة أضواء الزينة على منازل الكثير من المقدسيين. وتنتشر في القدس القديمة خلال شهر رمضان، المقاهي المتنقلة التي يندفع إليها المقدسيون بعد انتهاء صلاة التراويح من أجل تناول المشروبات الطازجة والترويح عن أنفسهم، أحيانا حتى موعد السحور، استعدادا لصوم يوم جديد.
ميزات وفضائل في تصريح إلى "الوطن"، قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا، خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري: "لا شك أن رمضان له ميزاته التي ينفرد بها عن أشهر السنة الأخرى، إذ يفرض نفسه على المجتمع والمسلمين، وتتعلق قلوبهم بهذا الشهر قبل مجيئه ويتهيؤون نفسيا لاستقباله، والمسلمون يجهزون أنفسهم سلفا للعبادة، خاصة في صلوات الفجر والعشاء والتراويح". وأضاف الشيخ صبري "زحف الملايين نحو المسجد الأقصى خلال شهر رمضان بالإضافة إلى الزينة في الشوارع وواجهات البيوت هي ميزة للقدس في شهر رمضان".
انتعاش التجارة قال مدير الغرفة التجارية في القدس، فادي الهدمي، في حديث إلى "الوطن" إن بعض القطاعات تشهد في رمضان حالة إيجابية تعكسها حقيقة وجود حركة بشرية واسعة باتجاه المدينة". وأضاف "الوضع الطبيعي هو أن تكون القدس مفتوحة على الضفة الغربية، هكذا كان الحل دائما قبل أن تعزل السلطات الإسرائيلية القدس عن الضفة، ومن ثم فإن حركة الناس باتجاه المدينة تعكس نفسها في تجارة نشطة، خصوصا في قطاعات المأكولات والمشروبات والحلويات، وفي الأسبوع الأخير من الشهر في قطاع الألبسة". وتابع "الأصل هو أن تكون القدس مفتوحة أمام الفلسطينيين في كل الأراضي الفلسطينية، فهكذا هو الوضع الطبيعي، وكذلك فإن حركة الفلسطينيين من الضفة الغربية باتجاه القدس هي مهمة ومفيدة جدا، كما أن حركة الفلسطينيين من الداخل مهمة، لكنها لا تعتمد على التسوق بالكامل في القدسالشرقية".