هكذا يمضي الطيبون.. في هدوء يرحلون.. لا يَتْعَبون ولا يُتعِبون.. في العيان أعمالهم الطيبة ماثلة.. وفي القلوب تظل ذكراهم قائمة. وفي العيون تتحجر دمعة ثاخنة. بأجسادهم وشخوصهم عنا يغيبون. لكنهم ملء السمع والبصر بيننا أبدا حاضرون. وما أصدق هذا في حال فقيدنا الغالي الشيخ حسين بن سعيد بن مشيط، الذي غادرنا قبل أيام في غمضة عين، مخلفاً في قلوبنا الحزن الكليم على فراقه، فقد كان نعم الأخ الصديق، في زمن عَزّ فيه هذا الصنف من الرجال. جمعتني به عشرة طويلة، لم أعهد فيه إلا أخلاق النبلاء، ووداً نادراً وصدقاً ووفاء. امتدت أياديه البيضاء لكل من حوله وكل من عرفه، يقيل عثرات المنكوبين، ويضمد جراح المكلومين، ويكفكف دمع الحزانى المقهورين. ما تأخر يوماً عن أداء الواجب، ولا توانى عن فعل الخير في النوائب. فماذا نحن بعده فاعلون؟ إلا أن نرفع أكفنا بالدعاء، ضارعين إلى المولى - جل سبحانه وعلا- أن يتغمده برحمته، وأن يجزيه عن عمله في دنياه الجزاء الأوفى في أخراه، وأن يسكنه فسيح جنانه، وأن يلهمنا وذويه الصبر والسلوان، وأن يلحقنا به إذا حان أوان رحيلنا في أعالي الجنان.