بينما أدرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول من أمس، التحالف العربي بقيادة السعودية على اللائحة السوداء للبلدان التي تنتهك حقوق الأطفال، متهما إياه بمقتل مئات الأطفال في اليمن، عد مراقبون موقف مون، امتدادا ل"تصريحات متناقضة اتصفت بالازدواجية"، أدلى بها سابقا في أكثر من مناسبة، مما أسهم في تشويه سمعة المنظمة الأممية وصدقيتها في التعاطي مع مسائل وملفات شائكة. الملف السوري في الشأن السوري، امتازت تصريحات بان كي مون بتناقضها خلال سنوات الأزمة؛ إذ أعلن في وقت سابق أن بشار الأسد "فقد شرعيته وعليه أن يكف عن قتل شعبه". ولاحقا، قال بان كي مون، في مؤتمر صحفي بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، إن الشعب السوري هو المسؤول عن تقرير مصير الأسد، في تراجع واضح عن تصريحات سابقة كرر فيها أن الأخير "فقد شرعيته". وجاء كلام مون غداة اتفاق موسكو وواشنطن على عقد اجتماع في نيويورك لمجموعة الدعم الدولية لسورية. ويتهم مطلعون الأممالمتحدة بقيادة أمينها العام بان كي مون باستخدام عبارات رسمية فضفاضة للتهرب من المسؤوليات، مثل القول بأن المنظمة الدولية تعمل في جميع مناطق سورية لتقديم العون إلى الشعب كله، رغم أنها كانت تصر على العمل فقط في المناطق التي تخضع للأسد. المسألة الفلسطينية كثيرا ما شاهد بان كي مون عبر القنوات الفضائية، الفتية الفلسطينيين يواجهون رصاص الاحتلال بالحجارة في معركة ظالمة لا تعرف التكافؤ، لكنه لم يتوقع يوما أن يرشق أبناء فلسطين موكبه بالحجارة، تنديدا بازدواجيته ومواقفه المتناقضة. وفجرت محاولات كبير المسؤولين الأمميين، المساواة بين الضحية والجلاد، غضبا فلسطينيا عليه، بعد رفضه إدراج الاحتلال الإسرائيلي على القائمة السوداء للدول التي ترتكب انتهاكات ضد أطفال. وفي 19 أكتوبر الماضي، قال مون "أنا مستاء، وينبغي لنا جميعا أن نكون كذلك، حينما أرى الشباب والأطفال يلتقطون الأسلحة ويسعون للقتل، دعوني أكون واضحا: إن العنف سيقوض فقط التطلعات الفلسطينية المشروعة للدولة وشوق الإسرائيليين للأمن". ونتيجة لذلك، برزت دعوات لعدم استقباله في رام الله إثر هذه التصريحات. وفي مطلع فبراير 2012 استقبل الفلسطينيون في قطاع غزة كي مون بالحجارة والأحذية بعد أن رفض استقبال وفد من أهالي الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حاملين يافطات كتب عليها" كي مون، كفى انحيازا لإسرائيل". التدخل في مصر لم تسلم مصر من تطاول بان كي مون، بل انتقدها بصورة عدها مصريون "تدخلا سافرا يمس سيادة بلادهم" عقب ثورة 30 يونيو 2013. وأوضح الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، المصري الراحل بطرس غالي، أن انتقاد مون لثورة 30 يونيو جاء استجابة لتوجيهات وإملاءات من الإدارة الأميركية. وتعدى هجوم مون ضد مصر، دائرة التصريحات إلى التدخل المباشر في شؤونها السياسية عقب عزل محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013. ودفعت مواقف مون، الخارجية المصرية لاستنكار تصريحاته أكثر من مرة، ومنها رفضها في أبريل الماضي تدخله في أحكام القضاء المصري بقضية "التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني". الخلاف مع المغرب في مارس الماضي، أطلق بان كي مون تصريحات غير مسبوقة لم تلتزم الحياد حين وصف الوجود المغربي في الصحراء الغربية، ب"الاحتلال"، الأمر الذي أثار غضب دولة المغرب ورفضته، واصفة التصريحات بأنها انحياز يناقض مبدأ الحياد المطلوب من الأممالمتحدة. وردا على تصريحات مون، طلب المغرب من الأممالمتحدة أن تسحب العشرات من موظفيها المدنيين وتغلق مكتب الاتصال العسكري الخاص ببعثة حفظ السلام، مشددا على أن قراره لا رجعة فيه. وحاول كبير الأمميين، أن يطمئن الحكومة المغربية فأعرب عن أسفه "لسوء فهم" تصريحاته باستعماله كلمة "احتلال"، دون أن يقدم حججا منطقية. أخطاء تستحق العقاب من داخل المنظمة الأممية، اتهمت مسؤولة مكتب خدمات المراقبة الداخلية المكلف بمكافحة الفساد في الأممالمتحدة، إينجا بريت الينوس، في تقرير، الأمين العام بإعاقة عامة، وذهبت إلى القول بأن أعماله ليست مؤسفة فقط، بل تستحق العقاب". بدورها، انتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، في تقريرها السنوي لعام 2010، الأمين العام للأمم المتحدة، متهمة إياه بالفشل في الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول ذات "الأنظمة القمعية". ويرى مراقبون أن مون الذي أوشكت فترته الثانية الانتهاء، أساء كثيرا لتاريخ البشرية، مؤكدين أن السلام العالمي أضحى أكثر تعرُّضاً للخطر، وأن نزاهة وسمعة الأممالمتحدة أصبحتا مثار السخرية والكراهية، مشيرين إلى أن كبير الأمميين حصد كل ما ارتبط بازدواجية المعايير لدى الأممالمتحدة على مدى 10 سنوات، تمثل فترتَيْ ترشيحه. أخطاء بان كي مون * نبذ الأسد ثم تأييده علنا * وصف المغرب بدولة الاحتلال * رفض إدانة جرائم إسرائيل * تحميل الفلسطينيين المسؤولية * التدخل في الشؤون المصرية * التطاول على الشرعية اليمنية * أمميون يطالبون بمعاقبة مون