للمرة الأولى يرتفع قلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مستوى الغضب، ليس لأجل قضية من القضايا الساخنة الدموية في بلادنا العربية، من سورية إلى ليبيا والعراق واليمن، بل لأجل تظاهرة ضده جرت في العاصمة المغربية. سبب تلك التظاهرة وصف الأمين الوضعَ في الصحراء المغربية الغربية بأنه احتلال. اتخذ المغرب بعد ذلك قراراً بتقليص البعثة الأممية للصحراء، وألغى الأمين العام زيارة إلى المغرب. بان كي مون لا يمثل نفسه في واقع الأمر، هو موظف لدى هيئة الأممالمتحدة التي تديرها القوى الدولية الكبرى، و «تديرها» هنا بمعنى تستخدمها وتستغلها وتوظفها لمصالحها، وتتم مقايضات بين الكبار في هذه القضية وتلك على حساب مصالح دول وشعوب. وفي كلمة الملك محمد السادس ملك المغرب في القمة الخليجية المغربية بالرياض، وصف دقيق لمشكلة تدخل بعثات الأممالمتحدة في القضايا العربية، وفي حين أشار ملك المغرب إلى أن لا مشكلة للمغرب مع شخص الأمين العام، وملفات عالمية كثيرة يشرف عليها ولا يستطيع الإلمام بتفاصيلها، وضع علامات استفهام على بعض أعضاء البعثة الأممية التي كلفها الأمين تولي ملف الصحراء. والأمين العام للأمم المتحدة وظيفة للدول غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لكنها في الحقيقة ليست إلا واجهة. هو الآن كوري جنوبي وكان غانياً وقبله المصري بطرس غالي، لذلك يتولى التفاصيل المهمة خبراء يتم انتقاؤهم و «وتوظيفهم» واستخدامهم. وهو لا يختلف كثيراً عن واقع منظمات دولية أخرى، وهي إذا لم تكن في مستوى أهمية الأممالمتحدة من الناحية السياسية والديبلوماسية، فهي أهم من الناحية الاقتصادية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كلها أدوات يجب الحذر والتحوط عند التعامل معها. وإذا كان شعار الأممالمتحدة صون السلام والأمن الدوليين وتحقيق تنمية مستدامة والحفاظ على حقوق الإنسان، فنحن لا نرى إلا نقيض ذلك من نشاطات مبعوثيها في العالم الضعيف الثالث. الأمين العام للأمم المتحدة غضب من تظاهرة ضده، ولم يغضب من البراميل المتفجرة وتجارب الأسلحة الروسية في سورية وجرائم الميليشيات الطائفية في العراق واليمن.