بين منطقتي "أمزربة" و"المنياسة" اللتين تعدان من أكثر المناطق الجبلية النائية في أبين، شرقي اليمن افتقادا للحد الأدنى من مشاريع البنية التحتية والخدمية، دشن تنظيم القاعدة مؤخراً تنفيذ استراتجيته التنظيمية الجديدة المرتكزة على تفعيل أدوات ووسائل الاستقطاب الفكري والديني لمقاتلين جدد من أوساط الشباب محدودي التعليم والمعدمين لتعزيز صفوف عناصره بدماء جديدة وتعويض الخسائر البشرية التي لحقت به مؤخرا جراء تصاعد المواجهات المسلحة مع القوات الأمنية اليمنية في كل من"لودر بمحافظة أبين والحوطة بمحافظة شبوة ولحج. وتشير مصادر أمنية إلى أن تنظيم القاعدة أنشأ ثلاثة مراكز دينية في منطقة "دثينة" بأبين وقرى "أمزربة" و"المنياسة" اضطلعت بمهام إدارة أنشطتها اليومية عناصر متمرسة على القيام بمهام الخطابة والاستقطاب الفكري عبر إلقاء محاضرات وخطاب ديني موجه على مرتاديها، يركز على الترويج لفكر ومبادئ القاعدة وفق رؤية تسوق لفكرة "الجهاد" كفرض عين لا يسقط بالتكافل "ولليمن كحالة توافرت فيها اشتراطات "الجهاد والقتال كونها تمثل "أرض المدد" وقاعدة انطلاق المجاهدين لتحرير منطقة شبه الجزيرة العربية من الهيمنة والحضور الأجنبي. ويقول عبده إسماعيل عباد الرجيحي، الباحث المتخصص في شؤون تنظيم القاعدة بأبين "استقطب تنظيم القاعدة ما يقدر ب 200-250 شاباً من مناطق مودية ولودر ودثينة والقرى المحيطة بها عبر إنشاء مراكز دينية متخصصة في التعليم والترويج لفكر التنظيم، معظم هؤلاء انخرطوا في القاعدة لأسباب إما عقائدية وفكرية نتيجة التأثر بأنشطة هذه المراكز أو لأسباب اقتصادية بحتة كالحصول على منح وإعانات مالية صغيرة شبه منتظمة من تنظيم القاعدة لإعالة أسرهم المعدمة". واعتبر عباد أن تنظيم القاعدة اختار بعناية المناطق التي أنشأ فيها المراكز الدينية المكلفة بمهام الاستقطاب الديني والفكري لمقاتلين جدد حيث تتميز هذه المناطق بكونها فقيرة ونائية ووعرة وتفتقد لأي تمثيل حكومي أو أمني للدولة وغالبية سكانها معدمون وشبابها يعانون واقعاً مريراً من البطالة والفقر. وشهد عام 2009 ومنذ مطلعه ظهورا لافتا لمسلحين انخرطوا حديثا في تنظيم القاعدة وينحدرون من مناطق قبلية بمأرب وشبوة ولحج وأبين والجوف، كثير من هؤلاء شارك في عمليات نفذها التنظيم في مأرب وشبوة واستهدفت ضرب منشآت نفطية وأمنية وعسكرية وأنابيب النفط في منطقة"صافر"ومحطة الكهرباء الرئيسية بمأرب قبيل ان يتم اعتقال بعضهم خلال حملات أمنية وعسكرية نفذتها قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب معززة بوحدات من الجيش ويؤكد محافظ شبوة العميد علي حسن الأحمدي أن معظم عناصر القاعدة الذين وفدوا مؤخرا إلى شبوة لتنفيذ عمليات إرهابية هم من مناطق مأرب وأبين، وأن أعداداً ممن تم استقطابهم من قبل القاعدة في منطقة"كالحوطة"التي شهدت أعنف الاشتباكات مؤخرا بين القوات الأمنية وعناصر القاعدة لا يزيدون عن عشرة أشخاص تبرأت منهم أسرهم معروفين بأسمائهم. مصادر أمنية مطلعة على نتائج حملات التعقب التي نفذت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام المنصرم في مناطق مأرب وشبوة والجوف كشفت من جهتها ل"الوطن"عن اعتقال القوات الأمنية خلال حملات تعقب وتمشيط استهدفت بعض المناطق الحدودية للعشرات من المسلحين الذين اعترف معظمهم بالانتماء للقاعدة حديثا متأثرين بعمليات استقطاب فكري شاركت فيها وجاهات قبلية شابة. وتنفي المصادر نفسها أن يكون إشراك السلطات الأمنية لوحدات نسائية متخصصة في مكافحة الإرهاب في عمليات عسكرية نفذت مؤخرا ضد مناطق تمركز لعناصر القاعدة في أبين يعود لوجود عناصر نسائية تشارك في هجمات القاعدة سواء في أبين أو شبوة، وتقول ل"الوطن"إنه"تمت الاستعانة بعناصر من القوات النسائية المتخصصة في مكافحة الإرهاب ليس لمجابهة عناصر نسائية مقاتلة في صفوف القاعدة فهذا لم يسبق أن تم رصده، ولكن لأن بعض عمليات التعقب يستدعي القيام بتفتيش منازل مأهولة بالسكان ومراعاة لوجود عائلات في هذه المنازل فتقتصر عملية القيام بالتفتيش على العناصر الأمنية النسائية ومثل هذه العمليات تمت في مناطق أبين ومأرب خلال الفترات القليلة الماضية".