عندما تسافر إلى كثير من الدول، تجد أن مفهوم الترفيه لا يحتاج إلى هيئة حكومية، بل تجد أن مؤسسات مجتمع مدني تقوم بكل ما يُعنى بالترفيه، أقتبس مَثَل المطعم "لا تسأل الشيف عن لذة الطعام بل اسأل الزبائن لتعرف"، ولكن نحن مختلفون ونعتمد على الدولة في تنظيم حياتنا كالطفل المدلل. الترفيه أو السياحة يعتمدان على العرض والطلب، وأعتقد أن الطلب في المملكة العربية السعودية عال جدا، والدليل أننا صرفنا 8 مليارات على السياحة الخارجية العام الماضي. إذًا، هناك طلب كبير وشغف لدى المواطن للسفر والسياحة والترفيه، فكيف نجعله يسافر إلى وطنه؟ أعتقد أن الحل هو فتح المجال للاستثمار السياحي في الداخل، خاصة في البنى التحتية مثل: الطرق والمواصلات والقطارات بين المدن، وتسهيل الاتصالات وتكثيف الرحلات والعروض السياحية الرخيصة، وتشييد وبناء المنتجعات والمتاحف ودور السينما والمراكز التجارية العالمية والفنادق بمختلف فئاتها، الأندية الشبابية والمقاهي والمطاعم والحفلات الموسيقية بكل مستوياتها، والمهرجانات وعقد المؤتمرات وجلب العروض المسرحية المحلية والعالمية.... إلخ. سألت صديقا يعمل في وزارة السياحة بإحدى الدول الآسيوية، قلت له: تقومون كل عام بجولة تعريفية عن السياحة في بلدكم، تجوبون الدول الخليجية، وللأسف السعودية خارج حساباتكم، فكان رده: المشكلة ليست منا بل منكم، فأنتم تمنعون مثل هذه الزيارات لأننا نأتي بفرقنا الموسيقية، ورقصاتنا الشعبية ضمن الجولة! يجب أن نفتح الباب أمام هؤلاء لتقديم مثل هذه العروض لدينا، ولنتعرف على حياتهم وثقافتهم ونحن في بلدنا، ويجب أن تقوم هيئة الترفيه بالتجهيز لمثل هذه الجولات للتعريف بالسياحة في السعودية، ولكن ليس الآن، بعد الانتهاء من تجهيز كل ما ذكرت حتى يأتي الزوار والسياح ليشاهدوا حاضرنا وماضينا، وينقلون صورة حسنة عن بلدنا "المملكة العربية السعودية" على كل الأصعدة السياحية من الاستقبال وحتى التوديع. يا رئيس هيئة الترفيه، مهما عملت فستظل تصفق وحدك ما لم تتشارك مع الشراكات، ومن يُعنى بالسياحة في القطاع الخاص والمؤسسات والإعلام وحتى الأفراد، يجب أن نتكاتف وتتضافر الجهود، فبكل تأكيد عندما يجد المواطن والمقيم الترفيه في الداخل، سنستقطب سياحا من الخارج، ولنبدأ بالعمل وأهم ما نبدأ به التسهيلات والأسعار والمعايير، فمن المستحيل أن أسافر إلى الطائف صيفا في موسم السياحة لأجد أسعار الفنادق والاستراحات غير اللائقة أصلا، أعلى من أسعار الفنادق والمنتجعات في ماليزيا وجزر المالديف! الترفيه يشغل الجميع، والاصطدام مع تيارات ومؤسسات أمر وارد، نجاحكم لن يتم دون الجرأة والسرعة، كما أن إسعاد الناس غاية لا تدرك، على الهيئة أن تعمل وعلينا الوقوف معها، ثم نقيّم. أرجو ألا تسمع لمن يطبل، واسمع لمن ينتقد للمصلحة العامة، ضع خطة تواكب الرؤية 2030، ليس عيبا أن نستفيد من تجارب من سبقونا، ونجلب خبراء لمساعدتنا، أنتم على الميزان، كل من يعيش على هذه الأرض المباركة ينتظر خطتكم ورؤيتكم ورسالتكم وأهدافكم، كيف سيتم تحقيقها لنقول للعالم أهلا وسهلا بكم.