شكك عالم اللسانيات الأمريكي البروفيسور ستيفن بنكر، في صحة الاعتقاد السائد حول أن اللغة العربية هي أقدم اللغات في العالم. وقال في حوار سريع مع"الوطن" على هامش دعوة قدمتها له جامعة ريدنج البريطانية منذ أيام لإلقاء عدد من المحاضرات عن اللسانيات وعلوم المعرفة والكتابة الجيدة: لست خبيرا في تاريخ اللغات لكني أشك أن ذلك صحيح. ربما يكون لدى بعض القبائل التي ما تزال في مرحلة الصيد وجمع الطعام مثل قبيلتي هادزا و!كنج في جنوب إفريقيا، لغات تعود إلى تاريخ أبعد من ذلك كثيرا. وبما أن اللغات تتعرض للتغير طوال الوقت، يتوقف الأمر في أكثره على ما يمكن عدُّه "اللغةَ نفسَها". فيعود تاريخ [الفصيلة اللغوية] "ما قبل الجرمانية"، مثلا، وهي سلفُ الفصيلة الجرمانية، إلى آلاف السنين، لكن المؤكد أن متكلمي اللغة الألمانية المعاصرين لن يعرفوها. من هو بنكر ؟ يعد "ستيفن بنكر" واحدا من أشهر المتخصصين في اللسانيات والعلوم المعرفية وعلم النفس. ولد في 18 سبتمبر 1954) ويعمل أستاذا في جامعة هارفارد، وهو عالِم متخصص في اللغويات وعلم اللغة النفسي وعلوم الإدراك ، ومؤلف معروف لكتب تبسيط العلوم، ويُعرف بدفاعه عن علم النفس التطوري ونظرية العقل الحسابية. ومن أشهر كتبه الكتاب الذي ترجمه الدكتور حمزة المزيني بعنوان: الغريزة اللغوية: كيف يخلق العقلُ اللغةَ"، الرياض: دار المريخ، 2000م. وأحدث ذلك الكتاب الذي نشر أصله في 1996م نقاشا واسعا لم يهدأ إلى الآن عن القضايا التي عرض لها عن طبيعة اللغة وبنيتها وأصلها وتطورها وتاريخها والمواقف منها، وعن أفكار بنكر الأخرى التي تضمنها. تأثير عالمي يعلق "بنكر"على ما يطرحه بعض النقاد العرب من أن العربية أغنى لغات العالم من حيث معجمها، قائلا :لا أدري ما الدليل الذي يستند إليه هذا الادعاء. ويُعتقد بشكل واسع أن الإنجليزية تمتلك أغنى معجم [أغنى من معاجم اللغات الأخرى كلها]، ذلك لأنها استوعبت كلمات من لغات أخرى كثيرة جدا إضافة إلى رصيدها المعجمي الجرماني [الأصلي]، فقد تأثرت بالفرنسية واللاتينية، وتأثرت في العصور التالية بالعربية واليديشية والملايوية واللغات الهندية، ولغات أخرى كثيرة، ويعود الفضل في ذلك إلى تأثيرها العالمي وإلى عدد الكتب الأجنبية التي تُرجمتْ إليها (انظر مقالي”The Global Language Network” الموجود في موقعي على الإنترنت). أما العربية، وهي لم تستوعب في القرن الماضي في الأقل، إلا عددا قليلا من الكلمات من اللغات الأخرى بسبب أنه لم يُترجم إليها إلا عدد قليل من الكتب إذ تُرجم من الكتب إلى اللغة اليونانية، مثلا، أو اللغة الكورية أكثر مما تُرجم إليها، بالرغم من أن عدد متكلمي كل من اللغتين يقل كثيرا جدا [عن عدد متكلمي العربية]. تشومسكي والعرب طرحت "الوطن" على بنكر ما يوصف ب"ادعاء ثالث" يظهر في كثير من الأحيان عند مناقشة أفكار تشومسكي الأساسية عن النحو التوليدي التحويلي إذ يقال إن تشومسكي تأثر فيها بأفكار النحويين العرب القدماء كما تتمثل في كتاب سيبويه، فرد بنكر بأنه لم يسمع بهذا قط. وقال: أشك في صحته. كان والد تشومسكي مؤرخا للغة العبرية الحديثة، وكانت رسالة تشومسكي التي أثرتْ في نظرياته في ما بعد، عن اللغة العبرية.