بينما شهدت مدينة بن قردان بالجنوب التونسي على الحدود الليبية، مواجهات عنيفة منذ شهرين بين القوات التونسية وعناصر من تنظيم داعش، أدت إلى مقتل 49 إرهابيا و20 مدنيا، بينهم رجال أمن، وإغلاق الحكومة التونسية لمعبر رأس جدير الحدودي، الذي يمثل الشريان الحيوي للمدينة، تجددت الاحتجاجات خلال اليومين الماضيين، بسبب إغلاق المعبر وتعطل أنشطة التجارة الموازية أو التهريب، فضلا عن احتجاز أبناء المدينة من المهربين داخل التراب الليبي. وخرج الأهالي والتجار في مسيرة جابت الشوارع، وأحرقوا إطارات السيارات، مطالبين بتسهيل عودة المحتجزين، وتسريح 25 سيارة نقل محروقات تابعة لتجار تونسيين، تم حجزها في المنطقة العسكرية العازلة الحدودية مع ليبيا بعد أن تزودوا بالمحروقات، فيما قال مراقبون إن الوضع في المنطقة الحدودية مع ليبيا يتجه إلى مزيد من التصعيد والاحتقان، وإن هناك مخاوف من الدخول في عصيان مدني. وكانت الحكومة أعلنت عن حزمة إجراءات اقتصادية واجتماعية في المدينة، بعد تعرضها إلى هجوم مسلح من قبل تنظيم داعش، هدف لتأسيس إمارة بتونس، في مارس الماضي، وهو أكبر هجوم تشهده البلاد منذ تصاعد عمليات مكافحة الإرهاب، لكن تلك الإجراءات بقيت حبرا على ورق، ولم تطبق، فيما طالب المحتجون بتفعيل مطالب التشغيل والتنمية للشباب العاطل عن العمل، خاصة من أصحاب الشهادات العليا، بعد أن وعدت الحكومة الشباب بتوفير فرص العمل. وفي إجراء أمني، شيدت تونس جدارا ترابيا عازلا على طول 250 كيلو مترا على حدودها مع ليبيا، للحد من تسلل الإرهابيين وتسريب الأسلحة، مما عطل عمل التجار والأهالي في بن قردان، خاصة أنهم يعتمدون على أنشطة التجارة الموازية وجلب السلع والمحروقات من ليبيا.
إضراب عام نفَّذ فرع الاتحاد المحلي للشغل بمدينة بن قردان إضرابا عاما أول من أمس، ضد قرار إغلاق المعبر. وقال الاتحاد في بيان إن "الإضراب يتم على خلفية الأوضاع، بسبب إغلاق معبر رأس جدير الحدودي في ليبيا، كما أنه يستثني الخدمات الاستعجالية بالمستشفى والصيدليات، وطلاب المرحلة الثانوية، مشيرا إلى أن السلطات المحلية والجهوية تعاملت بطريقة سلبية مع التطورات الأخيرة، داعيا إلى الوقوف إلى جانب مطالب الشعب وحقه في العيش الكريم.
غياب التنمية أكد المحتجون أن منطقة بن قردان تفتقر إلى كل أشكال التنمية والأنشطة والبنية التحتية، مما ساهم في تردي أوضاع السكان الاجتماعية، خاصة بعد الثورة، بسبب تراجع تجارتهم ومصدر رزقهم. يذكر أن رئيس الحكومة التونسية قام خلال هذا الأسبوع بزيارة مقر رئاسة حكومة الوفاق بطرابلس، للتباحث حول العلاقات بين البلدين، واستئناف الرحلات بينهما، والوضع بمعبر رأس جدير الحدودي.