بعد إعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الخميس الماضي، عن تنحيه عن رئاسة حزب "العدالة والتنمية" والحكومة، تسارع الحديث عن الأسباب التي أدت إلى هذا التنحي، وتأثيره على مستقبل الحزب والبلاد، فيما قال مراقبون إن المشكلة الآن ليست في استقالة أوغلو، وإنما في كون أن نفس السيناريو سيتكرر مع رئيس الوزراء المقبل، إذا لم يتم فصل الصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء في المستقبل. وبحسب الخبير الإستراتيجي محمد دمير باغ، فإنه إذا لم يتم تدراك الأمر بسرعة فإن تجربة حزب العدالة والتنمية، على قدر نجاحاتها إلا أنها معرضة للسقوط، في حين يرى بعض المحللين أنه لا مخاوف على استقرار تركيا بعد غياب أغلو عن الساحة، خاصة أن استقالته كانت متوقعة لدى الأوساط المقربة من الرئيس رجب طيب إردوغان وحتى من أوغلو نفسه. تراجع دور أوغلو وفقا لتقارير محلية، فإن الفترة الماضية شهدت تراجع دور وتأثير أوغلو في الحزب، عقب تجريده من سلطات تعيين مسؤولي الأقاليم، مشيرة إلى أن مناهضي أوغلو سحبوا منه قبل أسبوعين سلطة تعيين قيادات فروع الحزب، وأن الاجتماع الأخير لم ينجح في تسوية صراع النفوذ بين الجانبين، مما انتهى بانسحاب أوغلو من السلطة. وتحت عنوان "إلى أين تتجه التطورات في حزب العدالة والتنمية؟" أشارت صحيفة "حرييت" إلى أن هناك عددا من القضايا كانت وراء تنحي أغلو، وهى استياء إردوغان من قائمته لترشيح أسماء النواب، قبل الانتخابات البرلمانية العامة في يونيو الماضي، كما أن تدخل إردوغان في أعداد الأسماء باللجنة المركزية للحزب الحاكم، وكذلك تحديد أسماء الحقائب الوزارية للحكومة الجديدة، وأخيرا سحب صلاحية تعيين مسؤولين بالحزب بالمحافظات من رئيس الوزراء ومنحها إلى اللجنة المركزية. ولفتت الصحيفة إلى أن الأسباب السابقة دفعت برئيس الوزراء إلى التخلي عن منصبه وانسحابه من الحياة السياسية، لا سيما بعد تعرضه لاتهامات ب"التآمر" وجهها له مقربون من إردوغان. عدم التأثير يرى الكاتب في صحيفة "تركيا"، إسماعيل كابان، أن خروج أوغلو من المشهد السياسي لن يكون له تأثير كبير على الوضع الداخلي، لأن الحاكم الفعلي في البلاد هو الرئيس إردوغان الذي ما زال على رأس السلطة. وحول علاقات تركيا بالخارج بعد تنحي أوغلو، قال كابان إن العلاقات التركية الخليجية لن تتأثر، لأن المخاطب الأول هو الرئيس التركي، كما أن الغرب، على الرغم من استيائه من إردوغان، الا أنه يريد قيادة تركية قوية، لتخليصه من كابوس اللاجئين، وأيضا عدم تدفق الإرهابيين إلى أراضيه. التفرغ للتحديات دعا مراقبون إلى عدم التقليل من التداعيات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية، مشيرين إلى أن الإعلان عن تنحي أوغلو، رغم أنه كان متوقعا، إلا أنه أثر على الاقتصاد، وأفقد الليرة التركية قرابة 5% من قيمتها، وهي أكبر نسبة هبوط لها منذ 2008. ولفت المراقبون إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت تتصاعد فيه أعمال العنف مع متمردي حزب "العمال الكردستاني"، وتزايد الهجمات الإرهابية لتنظيم داعش، إضافة إلى تدفق المهاجرين واللاجئين، مشددين على أهمية أن يضع الحزب ذلك في حساباته القادمة، كي يتفرغ لتحدياتها، دون التأثير على الوضع الداخلي.