أكد مراقبون أن تأخر وصول وفد الانقلابيين الذي أربك جدول أعمال الجلسة الافتتاحية لمفاوضات الكويت وأدى إلى إرجائها، لم يكن بالأمر المفاجئ، معللين ذلك بأن المجتمع اليمني والدولي يعرف مراوغات الحوثيين، ونياتهم المبيّتة لإفشال أي محاولة لحل الأزمة الراهنة، بينما يرى آخرون أن الجماعة المتمردة حاصرها حزم التحالف العربي بقيادة السعودية، والتكتيكات السياسية الأخيرة المتمثلة بقرار الرئيس هادي، حين عيّن الشيخ محسن الأحمر نائبا له، والوزير السابق أحمد بن دغر، رئيسا للحكومة اليمنية، مما أعاد توازن اليمن وأفقد المتمردين الشعبية في البلاد، خصوصا في المناطق الشمالية بما فيها العاصمة صنعاء. وتقدم المبعوث الأممي الخاص باليمن، إسماعيل ولد الشيخ، بالشكر لوفد الحكومة على التزامه ووصوله في الوقت المحدد، بينما دعا الطرف الغائب دون إخطار سابق، إلى عدم إضاعة هذه الفرصة التي قد تجنّب اليمن خسارة المزيد من الأرواح. وتلك إشارة إلى أن الجماعة المتمردة لا تهتم بمصلحة اليمن وأهله. وقال "نعمل على تخطي تحديات الساعات الأخيرة ونطلب من الوفود إظهار حسن النية، والحضور إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي"، مؤكدا أن "الساعات المقبلة حاسمة وعلى الأطراف تحمّل مسؤولياتهم الوطنية والعمل على حلول توافقية وشاملة". وأفاد مصدر مقرب من الوفد الحكومي في وقت سابق، أن وفد المتمردين "متأخر"، وأن أعضاءه يماطلون. وكان ولد الشيخ أكد قبل يوم من الموعد المحدد لانطلاق المفاوضات، وجود "توتر كبير"، رغم وقف إطلاق النار الذي تعرض لخروقات خلال الأيام الماضية. تلاعب بالألفاظ كان المتحدث باسم الحوثيين، رئيس فريق التفاوض، محمد عبدالسلام، قال إن جماعته قبلت بتسليم السلاح الثقيل، والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، بما فيها القرار 2216 الذي ماطلت الميليشيات كثيرا في تطبيقه. وأكد عبدالسلام في تصريحات صحفية، موافقة جماعته على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن الوضع العسكري والأمني في اليمن يتداخل ويتعقد أكثر من أي وقت مضى، ويحتاج إلى توافق سياسي واضح المعالم لتثبيت معالم الدولة، ومن ثم لا نرى صحة وجود السلاح خارج المؤسسات المعروفة". ولم تخل تصريحات الحوثي من التلاعب اللغوي، إذ إن كلمة "المؤسسات المعروفة" لا تحمل دلالة واضحة، وفي هذا السياق، شكك محللون يمنيون بمصداقية تصريحات المتحدث باسم الميليشيات الانقلابية، محذرين من مغبة الوقوع في فخ هذه التصريحات التي وصفوها بالمراوغة، مشيرين إلى أنها قد تكون بداية مؤامرة جديدة تسعى إلى إبقاء الأزمة، وإضعاف الدولة مستقبلا. لعبة قذرة قال المدير السابق لمركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث اليمني، أنور الخضري "الحوثيون يلعبون لعبة قذرة مع المخلوع صالح، ومن المعلوم أن الانقلاب الحوثي لم يكن ليتم لولا صالح وقواته الموالية له الخارجة عن الشرعية، فهي التي شاركت في تسليم ونهب معسكرات الدولة". وحذر الخضري في تصريح صحفي، من أن يعتبر تسليم الحوثيين للأسلحة الثقيلة نهاية المطاف، مشيرا إلى أن نسبة الأسلحة التي تمتلكها الميليشيا لا تقارن بالأسلحة التي يحوزها الحرس الجمهوري والقوات الموالية لصالح. وأشار إلى أن مفهوم "السلاح الثقيل" عائم، مؤكدا في الوقت ذاته أن الحديث عن السلاح الخارج عن سيطرة الدولة يحتاج لتفصيل أكثر، وأضاف "الحوثيون بنوا ترسانتهم الخاصة بالسلاح ونهبوا أسلحة الدولة، ولا زال السلاح يصل إليهم بطريقة أو بأخرى". وتابع الخضري "يظهر من خلال تصريحات وزير الخارجية الأميركي، وتحرك الدبلوماسية الغربية، أننا أمام مؤامرة جديدة تريد إبقاء الأزمة وإضعاف الدولة مستقبلا، ويتم ذلك بضغوط غير معلنة تتحدث عنها جميع الأطراف بما فيها إدارة هادي بشأن اتفاقات خلفية وصفقات تحت رعاية عدة دول". وعن تصريحات المتحدث باسم الحوثيين بشأن التزامهم بقرارات مجلس الأمن، قال الخضري "الحوثيون وصالح لا أمان لهم، ولا عهد ولا ميثاق، ويملكون ترتيب أوراقهم طالما وجدت دول إقليمية داخل وخارج التحالف العربي تدعمهم، وطالما هناك رعاية غربية لهم"، متوقعا أن تتوقف الحرب عقب مفاوضات الكويت، دون أن تنتهي بشكل نهائي، مستدركا أنها ربما تكون "جولة في حروب قادمة". قرارات حاسمة أكد محللون أن الحنكة السياسية التي اتسمت بها القرارات الأخيرة للرئيس اليمني عبد ربه هادي، بتعيين اللواء علي محسن الأحمر، نائبا للرئيس، وأحمد عبيد بن دغر، رئيسا للوزراء، أربكت حسابات الحوثيين، ودفعتهم إلى المراوغة والتلاعب كملجأ أخير بعد أن استنفدوا مخططاتهم العبثية. وكان هادي أعاد توازن بلاده جغرافيا وسياسيا بقراره، حين عيّن ابن دغر، رئيسا للوزراء، والأحمر نائبا للرئيس، في خطوة أرعبت أطراف الانقلاب على الشرعية. وقوبل القرار الرئاسي اليمني الأخير بارتياح واسع في الأوساط السياسية والشعبية، وسط توقعات بأن الخطوة تعجل بتحرير صنعاء وتنهي أزمة الحرب بتقويض ميليشيات التمرد، وذلك بسبب النفوذ القبلي الذي يمتع به الأحمر في شمال البلاد واليمن كافة. وأثار قرار هادي إقالة نائبه ورئيس الوزراء خالد بحاح، وتعيينه مستشارا له، استياء وغضبا في صفوف الانقلابيين الحوثيين وحليفهم المخلوع، معتبرين القرار رسالة صادمة وجهت إليهم ولأنصارهم، بينما يرى محللون أن حكومة بحاح فشلت في إنهاء الصراع، مشيرين إلى أن إبعاده من المشهد السياسي، سيغير في المعادلة القائمة بشكل كبير لمصلحة اليمن، وسيأتي بالجدية في إيقاف الحرب وإنهاء الانقلاب. ما وراء التغييرات وصف نائب رئيس مؤسسة 14 أكتوبر، الإعلامي عبدالرقيب الهدياني، قرارات الرئيس، بالجريئة والمفاجئة، مشيرا إلى أنها تحمل تصعيدا قويا ضد الحوثيين لمنع تكرار ما فعلوه مستقبلا. وعن التقاسم القيادي بين طرفي القوة الفاعلين في اليمن، قال إنها تسوية تهيئ للتفاوض المقبل، ووقف إطلاق النار وانتهاء الحرب في البلاد، وأوضح المحلل السياسي، نبيل البكري، أن القرارات الأخيرة تعني "لا سلام مع المتمردين الانقلابيين حتى الاستسلام والخضوع التام للقرار 2216، مقللا من أهمية مباحثات الكويت، واصفا إياها بالروتينية كسابقاتها، وقال إنها لن تقدم ولن تؤخر، في إشارة إلى أن خيارات الحسم العسكري هي الأكثر حضورا. وبلغة المنافسات الرياضية، علق وزير الثقافة الأسبق، خالد الرويشان، على القرارات قائلاً: "حتى لو كانت متأخرة وفي الوقت الضائع! فإنها خطوة على الطريق الصحيح. تعرفون أن ثانية واحدة في الوقت الضائع قد تقلب النتيجة رأساً على عقب وهذا ما سيحدث". وبدوره، قال الشيخ غبير صادق إن صدور قرار جمهوري بتعيين الأحمر نائبا للرئيس يعني النهاية الكاملة لانقلاب الحوثي وصالح. أما نائب وزير الإعلام، فؤاد الحميري، فاكتفى بالقول إن الميدان وحده سيحدد إن كانت القرارات الرئاسية تغييرا أم ترميما. رسالة واضحة قال الصحفي اليمني مأرب الورد إن القرارات الأخيرة رسالة للانقلابيين بعد رفضهم الحوار مع الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، متوقعا ردا عسكريا حاسما على المتمردين. ووصف في تغريدة على حسابه بتويتر، تعيين الفريق الركن علي محسن الأحمر، نائبا للرئيس إلى جانب احتفاظه بمنصبه نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتوازن جغرافي في السلطات يحسم المرحلة المقبلة. بدوره، رحب شيخ مشايخ بكيل، الشيخ محمد بن ناجي الشايف، بالقرارات الأخيرة، بينما بارك الشيخ حسين الأحمر قائلا: "مبروك للشعب اليمني والوطن تعيين الوالد الفريق علي محسن الأحمر، نائبا لرئيس الجمهورية، فهو رجل المرحلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى". إنهاء النزاع أوضح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أن هدف المباحثات "التوصل إلى اتفاق شامل ينهي النزاع ويتيح استئناف الحوار السياسي الجامع"، محذرا من أن ذلك يتطلب "تسويات صعبة من كل الأطراف، ورغبة في التوصل إلى اتفاق". وقال إن البحث عن الحل سيكون وفق القرار الدولي 2216 الصادر عن مجلس الأمن العام الماضي، والذي ينص على انسحاب المتمردين من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة. ويشكل تطبيق القرار مطلبا أساسيا للحكومة اليمنية والتحالف، وكان إحدى نقاط التباين في جولة المباحثات الأخيرة التي جرت بجنيف في ديسمبر، دون تحقيق أي نتيجة. وكانت وسائل إعلام يمنية، نقلت قبل أيام عن وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، اشتراطه تطبيق المتمردين القرار، "ليكونوا شركاء في العملية السياسية"، متوقعا في الوقت نفسه عدم حصول اتفاق كامل في هذه المرحلة، معربا عن اعتقاده بأن يحدث تقدم وتكون الأحوال أفضل مما كانت عليه من قبل. مؤشرات غامضة قال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، إن تصريحات المتحدث باسم الحوثيين تكشف عن رغبة ملحة لدى الميليشيا للمضي قدماً في المباحثات، بهدف الحصول على وضع مريح في العلاقة بين الميليشيا والتحالف العربي الاسلامي. وأضاف أن المؤشرات لا تبدو واضحة بشأن إمكانية نجاح الميليشيات في الوصول إلى هذا الهدف، لكن الذي قد يأتي عبارة عن تفاهمات تضمن بقاءهم شريكاً محلياً في اليمن. وأشار التميمي إلى أن التصريحات الحوثية تعطي انطباعا بأنهم حريصون على تقديم تنازلات ترضي التحالف، من قبيل تسليم السلاح، مستدركا أنها لا تعبر عن قناعة راسخة لديهم في المضي قدماً في خط الشراكة مع بقية القوى السياسية داخل البلاد. شعبية الأحمر أشاد المحلل السياسي، ياسين التميمي، بالقرار الرئاسي اليمني، معتبرا أن هذه الخطوة تتوافق مع الرغبة الشعبية والإرادة اليمنية. مشيرا إلى عدة عوامل كانت تضعف أداء الحكومة السابقة، من أهمها عدم التوافق بين الرئيس ونائبه، موضحا أن التشكيل الحكومي الجديد ربما لا يحتاج إلى قسم أمام البرلمان، وإنما صلاحيات الرئيس هادي قد تتيح له تكليف ابن دغر بتشكيل الحكومة. إلى ذلك، يصف مراقبون، نائب الرئيس، علي محسن الأحمر، برجل الدولة الأقوى على مدى عدة عقود، معللين ذلك بتفوقه عسكرياً وقبلياً على المخلوع، بسبب امتلاكه نفوذاً قبلياً ممتداً في مناطق الشمال، وهو ما يضفي أهمية خاصة على صدور التعيينات بالتزامن مع معارك الحسم باتجاه العاصمة صنعاء. جرائم الانقلابيين سرقة مقدرات الدولة الاستيلاء على أسلحة الجيش مصادرة الأراضي العامة انتهاك القوانين الدولية إشاعة الفوضى والتخريب نهب الثروات الحكومية تنفيذ أجندة إيرانية الاعتداء على المدنيين اختطاف الصحفيين وإخفاؤهم هدم منازل الثوار تهديد دول الجوار اتخاذ السكان دروعا بشرية