في الأول من أبريل من كل عام يتندر الناس بعضهم البعض بشكل ساخر يدفع للمرح الذي ينقلب إلى كارثة أحياناً، ويكون المبرر "أن ذلك كذبة أبريل". هذا التقليد الأوروبي في أصله يعود إلى تغيير بداية السنة الميلادية في القرن السادس عشر. وهو تاريخ يصادفُ السنة "الآشورية" التي كان تقويمها متبعاً في أوروبا حتى غيره الملك الفرنسي شارل التاسع عام 1564 ليصبح رأس السنة في الأول من يناير/كانون الثاني كما هو معروفٌ اليوم. لم يعلم الكثيرون بقرار الملك وكان يطلق اسم "كاذب أبريل" على الذي يحتفل برأس السنة وفق التقويم القديم، ومع مرور الوقت أصبحت تلك الخدعة دارجة عند الفرنسيين في ذلك اليوم. ومنها حتى أصبح تطبيق تلك الكذبة شائعاً في معظم الدول، العربية منها والأجنبية. وإليك بعض الأكاذيب من النوع الثقيل: في الأول من أبريل: "بي بي سي" نشرت تقريراً سنة 1957 عن أشجار المعكرونة في سويسرا اعتمدت فيه حيلاً بصرية متقنة!! في الخليج العربي عام 2009، عمّت إشاعة وجود الزئبق الأحمر في ماكينات الخياطة من نوع سنجر ووصلت أسعار الماكينة الواحدة ل30 ألف دولار!! في رومانيا، زار الملك كارول أحد المتاحف فسبقه رسّامٌ مشهور كان قد ترصد قدومه. وقام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف، مما دفع الملك إلى أمر أحد حراسه بالنزول لالتقاطها!! اشتهر الشعب الإنجليزي بكذبة ظهرت عام 1860، حين وزعت بطاقات دعوة بالمجان لمشاهدة الحفل السنوي لغسل الأسود البيض في برج لندن، مما دفع الجمهور الساذج للتوجه نحو البرج لمشاهدة الحفلة المزعومة!! في هذا العام أطلقت جوجل زر كذبة أبريل الذي ظهر إلى جانب زر الإرسال المعتاد في البريد الإلكتروني لجوجل ليرسل صورة بصيغة "GIF" لشخصية "مينيونز" وهي تلقي بالمايكروفون على الأرض. بمعنى أن إسقاط المايكروفون إشارة تمثل أن المستخدم قال كلمته الأخيرة وأغلق الموضوع ولن يهتم بما سيقال بعدها. فعلق أحد المستخدمين لمنتجات جوجل: "بسبب خاصية مايك دروب، فقدت وظيفتي" وأضاف: "أعمل كاتباً، وكان لدي موعد نهائي يجب الوفاء به. لقد أرسلت مقالاتي إلى رئيسي في العمل ولم أسمع منها مطلقاً أي رد، لقد أرسلت دون قصد بريداً إلكترونياً باستخدام زر الإرسال لمايك دروب"!! انتقل إلى رحمة الله رئيس الحكومة، عبدالإله بن كيران نتيجة أزمة قلبية ألمت به في بيته وسط عاصمة الرباط، يلي الخبر.."ابنة الرئيس تنفي صحة الموضوع وتؤكد أن والدها بصحة جيدة.. أعزائي المغردين خبر وفاة والدي كذبة من كذبات أبريل"!! أراد أب ممازحة ابنه فأيقظه من نومه "قم طلقت أمك"!! حدثني أحدهم بأن مصرياً أُغتُصِبت ابنته وفقد أعصابه بعد حدوث لَبْس في نتائج الفحوصات، فخرج الدكتور المختص لإبلاغه ساخراً: "بنتك مش حامل كنت بهزر بمناسبة 1 نيسان"!! لا أعلم هل الحادثة صحيحة أم من خرافات رأس راويها، فقد تكون هي الأخرى كذبة من كذبات أبريل. من كان الكذب خلقه هان عليه أن ينكر الحق ولا يجد حرجاً في نفسه أن يدعي خلافه كذباً وبهتاناً. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق وأنت كاذب". للكذب آفات وأضرار متوالية تردي إلى مشاكل لايحمد عقباها.. فقد قامت سيدة إنجليزية بالصراخ وطلب النجدة بسبب إندلاع حريق داخل شرفة مطبخها. ولكن لا جدوى حيث ظن الناس أنها كذبة لتطابق ذلك اليوم مع أول أبريل. يقول ابن القيم: (الكذب متضمن لفساد نظام العالم، ولا يمكن قيام العالم عليه لا في معاشهم ولا في معادهم، بل هو متضمن لفساد المعاش والمعاد، ومفاسد الكذب اللازمة له معلومة عند خاصة الناس وعامتهم، كيف وهو منشأ كل شر، وفساد الأعضاء لسان كذوب، وكم أزيلت بالكذب من دول وممالك، وخربت به من بلاد، واستلبت به من نعم، وتقطعت به من معايش، وفسدت به مصالح، وغرست به عداوات، وقطعت به مودات، وافتقر به غني، وذلَّ به عزيز، وهتكت به مصونة). ملاحظتي: كذبة الأول من أبريل ليست بعادة بقدر ما هي تقليدٌ أعمى.