أتت هجمات بروكسل يوم أمس لتكمل سلسلة طويلة من المصادفات، بين توقيت الهجمات الإرهابية الكبرى في العالم، وبين مواعيد اجتماعات حل القضية السورية، ما يدفع للوقوف عندها ومحاولة البحث عن سر هذه المصادفات المتكررة. تصادف هجمات بروكسل يوم أمس مع الاجتماعات المتواصلة في جنيف، لإيجاد حل للقضية السورية، وكذلك ارتفاع النبرة المطالبة بتنحي الأسد، في مقابل تصريحات وزير خارجية النظام الأخيرة، التي رفض فيها مجرد طرح الموضوع للنقاش. وإذا ما أضفنا ذلك للتهديدات التي أطلقها بشار في حديثة لصحيفة ألمانية في يونيو 2013، وأكد فيها أن أوروبا ستدفع الثمن في حال قامت بإمداد الجماعات المعارضة السورية بأسلحة، فإن الكثير من علامات الاستفهام سوف ترتفع، وتبحث بشدة عن إجابات مقنعة. تهديدات لها معنى قال الأسد في تلك المقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر الجيميني تسايتونج" التي أجريت معه في دمشق "إذا قام الأوروبيون بإرسال أسلحة فإن العمق الأوروبي سيصبح أرضا للإرهاب وستدفع أوروبا ثمن ذلك". وأضاف أن نتيجة تسليم أسلحة للمعارضة سيكون تصدير الإرهاب. وأضاف "سيعود إرهابيون إلى أوروبا مع خبرة قتالية وإيديولوجية متطرفة". تصريحات الأسد أكد عليها وزير خارجيته وليد المعلم من على منبر الأممالمتحدة في سبتمبر من العام الماضي، حيث قال في كلمته أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية إن تنظيمي داعش وجبهة النصرة لن يتوقفا في سورية والعراق، بل سيمتد أثرهما إلى دول أوروبا وأميركا والغرب بصورة عامة. تزييف الحقائق التصريحات السابقة دعمتها النغمة التي تكررها وكالة أنباء النظام في كل استنكار يعلنه النظام. ففي معرض استنكارها لهجمات الأمس قالت "هذه التفجيرات التي وقعت في بروكسل وقبلها في باريس وأماكن أخرى من العالم، تؤكد من جديد أن الإرهاب لا حدود له، كما أن هذه الاعتداءات هي نتيجة حتمية للسياسات الخاطئة والتماهي مع الإرهاب، لتحقيق أجندات معينة، عبر وصف بعض المجموعات الإرهابية بالمعتدلة". والغريب أن تركيز الوكالة على الجماعات المعتدلة رغم أن داعش لا تشارك في المفاوضات ولا توصف بالمعتدلة، وهي التي تتبنى التفجيرات وتمد النظام السوري بالنفط، وفقا لتصريحات وزير الخارجية الأميركي في نوفمبر 2015. رد أميركي حاسم بعد هجمات باريس في نوفمبر 2015، حمَّل الأسد السياسات الفرنسية مسؤولية تمدد الإرهاب، وقال خلال لقائه وفدا فرنسيا: "السياسات الخاطئة التي انتهجتها الدول الغربية، لا سيما فرنسا إزاء ما يحصل في منطقتنا وتجاهلها لدعم بعض حلفائها للإرهابيين، هي التي أسهمت في تمدد الإرهاب". ليرد حينها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال مؤتمر فينا 3 بمطالبة الأسد بالاعتراف بعدم استطاعته إنقاذ سورية ودحر تنظيم داعش الإرهابي، كما طالب الشعب السوري بمحاربة داعش والبقاء في بلادهم. وأضاف كيري أن تصريحات بشار توضح أنه سبب الهجمات على باريس، وأنه لا يصلح لقيادة البلاد، مؤكدا أن داعش تمول بالنفط والأموال، كما خرج الشعب السوري لمطالبه وفوجئ بهجوم قوات النظام عليهم لتفريقهم وضربهم بالقنابل.