"تأجيل الجلسة، النصاب لم يكتمل، الأطراف لم تتوصل إلى اتفاق"، عبارات اعتاد المواطن الليبي سماعها عقب كل جلسة برلمانية، في بلد يشهد أجواء سياسية وأمنية قاتمة، حيث تدور الأطراف المعنية داخل حلقة مفرغة من الحوارات، لتتعمّق الأزمة أكثر، وسط انتشار مطرد من قبل تنظيم داعش الذي يستغل الأوضاع الأمنية المتدهورة. حكومة الوفاق الوطنية التي تقدم بها السراج، لا تزال تراوح مكانها حيث قوبلت برفض من نصف أعضاء مجلس النواب، بحجة أن من رشحتهم غير مؤهلين للخروج بالبلاد من الأزمات التي تمر بها، وأنها حكومة وصايا لا تؤدي بالحوار الليبي إلا إلى طريق مسدود. وكان البرلمان فشل عبر خمس جلسات خلال شهر في عقد جلسة التباحث بشأن منح الثقة أو حجبها عن حكومة الوفاق، بسبب خلافات حادة بين موافق على التشكيلة ورافض لها. وكان آخر المحاولات جلسة طبرق شرق البلاد، التي أخفق فيها المجلس الأحد الماضي، بسبب تعذر اكتمال نصاب التصويت على النسخة الثانية من الحكومة، فاضطر المجتمعون إلى اعتبارها اجتماعا تشاوريا. يذكر أن الفرقاء الليبيين أقروا برعاية المبعوث الأممي في ليبيا مارتن كوبلر، حكومة وفاق وطني، في 14 فبراير الماضي بمدينة الصخيرات المغربية، وهي مكونة من 18 وزيرا، بينهم ثلاث نساء. وذلك بعد أن رفض مجلس النواب تشكيلة أولية في 25 يناير 2016 تقدم بها رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج مكونة من 32 وزيرا. خطر داعش وعلى وقع الأزمة السياسية يواصل تنظيم داعش تمدده على الأراضي الليبية، إذ أكدت تقارير استخباراتية أن جنسيات مختلفة من التنظيم تتوافد عليها بشكل كبير، بحثا عن تربة ملائمة لانتشار الدواعش. ويأتي ذلك فيما يخطط التنظيم منذ بداية العام الحالي لاحتلال حقول النفط التي تنتشر بين سرت وأجدابيا، ليتخذها مصدر تمويل أساسي. وكان داعش شن هجمات تفجيرية على حقول النفط آخرها تفجير الرابع من يناير الماضي للسيطرة على منطقة "بن جواد" التابعة لمدينة سرت ذات البعد الاستراتيجي والاقتصادي، بسبب وجود أكبر الموانئ النفطية فيها. وتفيد مصادر مطلعة أن "بن جواد" تضم أربعة مراسي مجهزة لسفن الشحن و19 خزانا نفطيا عملاقا بسعة تصل إلى ستة ملايين برميل من النفط الخام. ضربة أميركية وفي خطوة دولية للقضاء على آمال الدواعش، وجهت الولاياتالمتحدة في 19 فبراير المنصرم، ضربة جوية إلى خلايا تابعة للتنظيم في المنطقة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 عنصرا. وصرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك بأن مقاتلي داعش في ليبيا الذين استهدفتهم الطائرات الحربية الأميركية شكلوا تهديدا على واشنطن ومصالحها في المنطقة، كاشفا أن تلك الضربة لن تكون الأخيرة.