نشرت صحيفة "الوطن" في عدد سابق بيان الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي عقبت فيه على حادثة ملاحقة بعض منسوبيها لفتاة في إحدى المراكز التجارية والاعتداء عليها بشكل وحشي، وقالت فيه بأن منسوبيها الذين شاركوا في قضية "فتاة النخيل" لم يلتزموا بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بالضبط والاستيقاف، وأضافت بأنها اتخذت العقوبات اللازمة في حقهم. لو نظرنا لعمليات الضبط والاستيقاف التي تقوم بها الشرطة والمؤسسات الأمنية الأخرى التي تقوم بنفس العمل لوجدنا أن عددها يفوق ما يقوم به أعضاء الهيئة بمئات أو ربما بآلاف المرات، وإذا قمنا بعمل مقارنة بين الجهتين نجد أن الشرطة ومن هم تحت مظلة الأمن العام رغم كثرتهم وكثرة الأعمال التي يقومون بها، إلا أننا نحن المواطنين لا نعلم بها إلا إذا أعلنت من جهات رسمية، وغالبا ما تتم عملياتهم بدون مشاكل أو تجاوزات بالرغم من أنهم يتعاملون مع مجرمين وقد يكونون خطرين والسبب في ذلك أنهم، أي رجال الأمن، يقومون بعملهم وفق أنظمة وقوانين يجب عليهم التقيد بها بحذافيرها، ومن يتجاوز صلاحياته أو يخل بالعمل المنوط به فإنه يكون عرضة للعقاب. في المقابل نجد أن ما يقوم به بعض أعضاء الهيئة من عمليات غالبا ما يصاحبها مخالفات وتعديات جسدية ولفظية وامتهان لكرامة الإنسان، بالرغم من أن جل من يتعاملون معهم هن من النساء والفتيات المراهقات، ولا أدري لماذا معظم عمليات الهيئة لا تكون إلاّ مع نساء؟! هل هذا هو العمل الوحيد الموكل إليهم أم أنهم تركوا كل الواجبات المنوطة بهم وتفرغوا للنساء؟! أليس من الأجدى تسخير الإمكانات التي وفرتها لهم الدولة من مكاتب فاخرة وسيارات فارهة ورجال أمن لحمايتهم في تعقب المجرمين والخارجين عن القانون كمهربي ومروجي الخمور والغش في الأسواق وملاحقة الساعين إلى نشر الرذيلة في المجتمع، كأصحاب القنوات الفاضحة والبرامج الهابطة عوضا عن مطاردة الفتيات والتلصص عليهن؟. شاهدنا الكثير من مقاطع الفيديو عبر برامج التواصل الاجتماعي عن تجاوزات بعض أفراد الهيئة على الفتيات، وما تم تصويره ولم ينشر قد يكون أكثر، وما لم يتم تصويره قد يكون أكثر وأكثر، فالمشلكة كبيرة وخطيرة، وأصبحت تمس سمعة دولة بأكملها وتسيء إلى شعيرة أساسية وهامة في الإسلام، ويجب التدخل من السلطات العليا لوقف المستهترين الذين يستغلون التساهل والتعاطف الأعمى معهم، بزعم أنهم يطبقون شعيرة دينية، بينما هم في الأصل يسيؤون إليها. أنا من المؤيدين وبقوة على بقاء الهيئة، بل وأطالب بتوسيع صلاحياتها وإمكاناتها، ولكن شريطة أن يكون عملها وفق الأنظمة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على منسوبيها، وليس بالارتجال والأهواء. يسيئني كثيرا أن يكون هذا الجهاز الحكومي المهم بهذه الحال الذي أصبح عند الكثيرين وخصوصا في الخارج مدعاة للسخرية، ويكرس مفهوم التشدد والتطرف الذي يصفوننا به ليل نهار.