بعد ساعات قليلة من سريان وقف إطلاق النار في سورية المتفق عليه بين واشنطنوموسكو، والذي أقره مجلس الأمن، قالت تقارير إن قوات نظام بشار الأسد، قصفت مواقع للمعارضة في محافظات حلب، وحمص، ودرعا، واللاذقية، وحماة، وريف دمشق، كما أعلنت جماعة جيش الإسلام المقاتلة في سورية أن قوات الأسد أسقطت برميلين متفجرين وفتحت النار على مواقعها في منطقة الغوطة الشرقية القريبة من دمشق. وقال المتحدث باسم جيش الإسلام، إسلام علوش، نقلا عن تقارير ميدانية من قادتها، إن قوات النظام حاولت التقدم في إحدى المناطق لكن تم التصدي لها بالرشاشات، فيما أكد قائد جماعة فرسان الحق التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر، فارس البيوش، إن استمرار الخروقات من جانب قوات النظام قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق. في الأثناء، أشار المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، إلى تلقي تقارير حول وجود انتهاكات في الدقائق الأولى من اتفاق وقف الأعمال العدائية، وأضاف في مؤتمر صحفي عقده بمكتب الأممالمتحدة في جنيف "يمكن أن يكون هناك توقف مؤقت في الاتفاق، والنقطة المهمة هي ما إذا كان ستتم السيطرة على التوقف بسرعة، وهذا سيكون تحت الاختبار". ولفت دي ميستورا، إلى أن إمكانية اللجوء إلى القوة العسكرية "سيكون الحل الأخير، في حال إذا ما انتهك الاتفاق، وأن يكون الرد متناسبًا". وتابع، "إن لم تكن هناك إشكاليات جدية، نخطط لاستئناف المفاوضات في 7 مارس المقبل، حيث ستستمر الجولة الأولى من المحادثات نحو 3 أسابيع، ليتم بعدها تقييم الوضع مع الأطراف السورية. وكان مجلس الأمن الدولي قد صادق بالإجماع على مشروع قرار بوقف الأعمال القتالية في سورية. وطالب المجلس في قراره أطراف الصراع السوري كافة بالالتزام ببنود الاتفاق الروسي - الأميركي "بوقف الاقتتال". مصير الهدنة يأتي ذلك وسط تساؤلات عن إمكانية صمود وقف إطلاق النار في سورية، وسط تناقضات شديدة، لاسيما بعدما استثنى الاتفاق تنظيم داعش وجبهة النصرة من وقف القتال، وقال مراقبون إن استثناء جبهة النصرة من هذه الهدنة أمر يشير إلى نوايا سيئة نظرا لانتشارها في جميع الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وأي عملية لضرب "النصرة" هي عملية لضرب الجميع لتواجدها بجوار باقي كتائب المعارضة، وأن موسكو في كل الأحوال ستقصف سورية متذرعة بذلك. وفي وقت سابق قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن تركيا ستستخدم حقوقها المنبثقة عن القانون الدولي وستطبق قواعد الاشتباك، طالما وجدت حالات تشكّل خطرًا على أمنها القومي، أيًا كان مصدره من سورية، إن كان من تنظيم داعش أو منظمة "ي ب ك - ب ي د". كما أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن الاتفاق الرامي إلى وقف القتال لا ينطبق على الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم داعش في سورية، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة وشركاءها سيمضون "بلا كلل" في حملتهم ضد المتشددين. ومن جانبهم قال مراقبون إنه رغم ترحيب الأطراف المعنية بالحرب السورية بوقف القتال إلا أن هذا الترحيب جاء محفوفا بالحذر أو التشاؤم أحيانا، لافتين إلى أن أحداث اليوم الأول تزيد المخاوف من انهيار الهدنة.
افتقاد الثقة قالت صحيفة "التايمز" البريطانية أمس، إن وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه سبقه قصف مكثف من القوات الروسية، كما استمرت قوات بشار الأسد في إسقاط البراميل المتفجرة على الأسواق، مشيرة إلى أنه في ظل هذه الخروقات فإنه من الطبيعي أن تزاد حالة التشكك في استمرار الهدنة، وأضافت أن الهدنة بحاجة إلى ثقة. وأنه على الرغم من تعهد الولاياتالمتحدةوروسيا بضمان استمرار الهدنة، فإنه لا يوجد احتمال كبير أن تؤدي إلى سلام مستدام. وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا يجب أن تقبل أن لديها هي والغرب مسؤولية إنسانية مشتركة، مطالبة الكرملين بالتدخل لمنع قوات النظام من استهداف المدنيين وطوابير الخبز، كذلك فصائل المعارضة. وترى الصحيفة أن زعم روسيا أنها وسيط سلام يتوقف على إقناع الأسد بالجلوس إلى طاولة التفاوض وليس على قتل معارضيه.