ما إن تطأ قدما الموظف باحة عمل جديد حتى يبدأ بالبحث عن مسارب النجاح وعن ملامحها أين تكمن بغية الوصول المختصر إلى مراكز القمم الأولى، لذا يضع الموظف أولى لبنات غده المستشرف في شحذ الهمم وتناول أفضل الوسائل والأدوات المتاحة، لخلق نمطية أداء وظيفي تخصه وحده وتميزه عن الآخرين، فذاك ديدن الطامحين من شبابنا الذين يتميزون بعقل نير وفكر واع، فهم يدركون أن إبراز الذات لا يتأتى دون السعي إلى صقل الموهبة من خلال أقنية التعلم والتدرب والتطوير الذاتي، إضافة إلى الممارسة الناجزة في أروقة وورش العمل باختلافاتها الكثيرة، على مستوييها العام والخاص، فالجهد الذاتي يوجب الدعم من قبل إداريي القطاعات بعمومها، حيث إن استثمار الموظف مربح بذاته للقطاع الذي يعمل لديه الموظف، كونه سيشكل دينمو الحراك الإنتاجي وآلة الرفع التنموي، بغض النظر عن طبيعة العمل المنوط إليه، فأينما حل الموظف سيكون بمثابة الخامة القابلة للتشكل الناجز، بيد أن بعض الناجحين والمتفانين والمخلصين في أعمالهم يصطدمون أحيانا بمعوقات إدارية محبطة، لا تعيق تقدمهم نحو الأمام فحسب، إنما تشكل في طريقهم حجر عثرة، فعلى تلك الأسس يتولد الإحباط لدى هذا الموظف وذاك، فيتراجع حينها أداؤه الوظيفي إن لم يرتكن في خانة السكون، فقد لا نفشي سرا إن قلنا بأن أعداء النجاح كثر وموجودون في جل القطاعات، بل قد يتقمص بعضهم دورا سلطويا مقيتا، وحتما سيحول دون أن يصل أصحاب الهمم الفاعلة إلى مبتغاهم الوظيفي، فثمة حيرة قد يستشعرها الموظف حين يبدأ بالبحث عن مبررات أو أسباب مقنعة حيال جهوده التي يبذلها من أجل أن يجني ثمرا، ليفاجأ بعدئذ بأنها قد أضحت في مهب الريح، بل الثمرة التي كان ينتظرها بفارغ الصبر قد سقطت في صندوق آخر غير صندوقه، وما تلك الأساليب الإدارية الحانقة إلا بمثابة معاول هدم للأسف، ما زال يمسك بها بعض الإداريين الذين لا يتورعون عن طفننة الكيل، أو الكيل بمكيالين والتلاعب بكفتي ميزان الاستحقاق الوظيفي لصالح هذا الموظف وذاك، فالمحاباة وتطبيب الخواطر والعلاقات المختلفة عرقية كانت أو مناطقية قد تكون لدى البعض بمثابة رمانة الميزان في المحاصصة وليس الكفاءات، والتجذر المخيف لتلك الآلية البيروقراطية في عقول بعض المسؤولين، هي التي تضع تلك العصا الغبية في عجلة التقدم والنماء التي يستحقها الوطن، بل قد تقتل الهمم إن لم تقتلعها من جذورها، وتبقي شبابنا سجناء الامتعاض والإحباط معا، نوافذ الأنا المنفرة لا بد أن توصد، وتفتح بدلا منها أبواب الرحابة لشبابنا الطموح.