صدرت تقارير في اليومين الماضيين أشارت إلى تراجع أصول صناديق الاستثمار في السعودية 7 % عام 2015، وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، إذ تراجعت الأصول بمقدار 26 %، وانخفض عدد المشتركين فيها قرابة ال60 %، بينما زادت أعداد الصناديق من 199 عام 2005 إلى 270 صندوقا عام 2015. أداء الصناديق الاستثمارية يثير استياء المستثمرين فيها، وأدى إلى تراجع الثقة في إدارة هذه الصناديق، خاصة صناديق الأسهم، بسبب التذبذبات الحادة التي مرت بها السوق السعودية خلال ال10 سنوات الماضية. الصناديق الاستثمارية التي تدار من متخصصين وخبراء في أسواق المال، يختارون الأسهم الممتازة في أي سوق مهما اختلف سعر الشركة، ولكن متى سيتعلم هؤلاء المديرون وقت الدخول المناسب والخروج المناسب بعيدا عن نظرية "مستثمر طويل الأجل"، لماذا لا يتعلم هؤلاء الخبراء دروسا في الأزمات، كي يحافظوا على رؤوس أموال هؤلاء المستثمرين وحفظها من محرقة الأسواق. صحيح أن المستثمر ينظر فقط إلى عائد الشركة ونتائجها المالية، ولكن هل السعر مناسب لكل استثمار في أسواق المال؟ فعندما تذهب إلى أحد الصناديق في وقت السوق والأسعار متضخمة، وبالآلة الحاسبة هذه الأسعار لا تناسب للاستثمار كما حصل عام 2006 وعام 2014، تجد أن مديري الصناديق والموظفين فيها في ذلك الوقت يرحبون بك، ويسعدون بانضمامك إليهم دون توعية أو تنبيه للمستثمر أنك أتيت في الوقت غير المناسب والأسعار غير مجدية للاستثمار، ويجب عليك الانتظار قليلا، فبعد كل ارتفاع حاد وتضخم عال يأتي انهيار وانخفاض تصنع بعدها الفرص، ويأتي الوقت المناسب للدخول، إن كان هذا المستثمر أتى إلى الصندوق بقدميه فهو يرمي بثقته على البنك أو شركة الوساطة التي ذهب إليها، لأنه لا يعي تماما ما يحصل في السوق، ولا يعرف حتى طريقة الاستثمار فيها. بعد كل هذه الرواية، مديرو الصناديق لا يهتمون إلى أموال المستثمرين ولا يشغل بالهم مهما خسرت أو ربحت، ما يهمهم أنه سيدفع هذا العميل الرسوم الإدارية والسنوية، وسيأخذونها منه سواء أكان رابحا أم خاسرا. لا توجد توعية للمستثمرين، وحرص من الصناديق على هذه الملايين التي تحت أيديهم، بل يقبلون كل ريال يأتي إليهم سواء أكانت الأسعار متضخمة أو منهارة، ولا توجد سياسة في هذه الصناديق للخروج من بعض أسهم الشركات إذا كانت أسعارها عالية، وقد خرجت عن نطاقها المعروف. ليست مهمة مديري الصناديق تحديد واختيار الأسهم المناسبة فقط، بل يتوجب عليهم تحديد الدخول والخروج المناسب والتنبؤ بالأزمات وتغيير المراكز والمحافظة على رؤوس الأموال التي تحت أيديهم، إن كانت السوق أو المنطقة مقبلة على أزمة ستنهار معها السوق، وليس كل من أتى إلى صناديق الاستثمار يريد الاستثمار ل100 عام، فالصناديق تتجاهل مسألة الأسعار والتقلبات بسبب هذه النظرية، وبهذا المنطق هلكت أموال المستثمرين، خصوصا الذي يريد الاستثمار لعدد قليل من السنوات. ما زالت العقلية الإدارية للصناديق الاستثمارية السعودية هي نفسها، ولم تستفد من الدروس التي علمتنا إياها الأزمات، ويرافق هذه العقلية قلة في المصداقية والتوعية مع العملاء الذين أتوا إليهم. الإدارة الذكية لصناديق الأسهم وهي قلة، هي التي تهتم بعملائها، وتدلهم على الطريق الصحيح للاستثمار معها، فمع كل هذا سيكسب السمعة الجيدة وكثيرا من العملاء ومزيدا من الأرباح، أما الصندوق الذي يقبل كل عميل يأتي إليه سواء كان الوقت مناسبا أو غير مناسب من أجل كسب مزيد من العمولات، فهي لعبة انتهى زمنها.