أدى تقديم موعد الفعالية المنبرية الرئيسية ليوم أمس ضمن الدورة ال30 لمهرجان الجنادرية إلى إحداث نوع من الإرباك لدى الإعلاميين وبعض المهتمين الذين حرصوا على حضورها، خصوصا أنهم لم يشعروا بذلك، فبعد أن كان مقررا لندوة "الشخصية الثقافية المكرمة أبي عبدالرحمن الظاهري في خدمة الأدب والفكر والتراث" أن تبدأ عن الساعة الثامنة مساء وتنتهي في تمام الساعة العاشرة والنصف مساء بحسب جدول المهرجان بدأت الندوة السادسة مساء قبل موعدها المحدد مسبقا بساعتين. حيث حاولت "الوطن" الوصول إلى القائمين على فعاليات المهرجان لمعرف السبب إلا أنها لم تتمكن من الحصول على تعليق بهذا الشأن. وإلى جانب تقديم موعد ندوة "الظاهري" أعلنت إدارة المهرجان إلغاء محاضرة اليوم "آفاق ورؤى السياسة الخارجية السعودية بعد عاصفة الحزم" التي كان سيلقيها وزير الخارجية عادل الجبير، وذلك لارتباطات الوزير العملية. الظاهري الأديب النادر أجمع المشاركون في ندوة "جهود أبي عبدالرحمن الظاهري في خدمة الأدب والفكر والتراث" على أن الشخصية الثقافية المكرمة من الأدباء النادرين الذين يجمعون بين جدية العالم التي تروي العقول ولطافة المجالس التي تطرب القلوب. واستهل أمين عام مجلس أمناء مؤسسة الشيخ الجاسر الثقافية حمد القاضي حديثه عن أبي عبدالرحمن الظاهري بمقولة الزيات "بعض الناس تحتار ماذا تقول عنه لشح ما لديه وبعضهم تحتار لوفرة ما عنده" واصفا الشخصية المكرمة "الظاهري" بالموسوعة. كما تناول القاضي مقالات الظاهري الشهرية "شيء من التباريح" التي كان يكتبها بالمجلة العربية التي كان السلاح فيها الحروف وليس الرماح والبنادق، وأبطالها أبو عبدالرحمن ابن عقيل والدكتور غازي القصيبي التي شهدت تفاعلا كبيرا ولاقت صدى واسعا ومتابعة كبيرة من كافة شرائح المجتمع. وأشار القاضي لمجموعة من المواقف التي كانت بين الأديب ابن عقيل والشيخ إبراهيم العنقري وتلك العلاقة امتزجت بين رابطة العمل والأدب، مما دفعه لكتابة مقالة عنون لها "الشيخ العنقري والأديب عقيل والله يكفينا شر الثالثة" تناول فيه خصالا عذبة في الشيخ، بالإضافة إلى جدية العالم وظروف الأديب، معتبرا أن الأديب ابن عقيل من الأدباء النادرين الذين يجمعون بين جدية العالم التي تروي العقول ولطاقة المجالس التي تطرب القلوب. وبين القاضي أن ابن عقيل يتميز في أنه يتحدث كما يكتب وهذه الخصلة نادرة، فبعض الأدباء يبهرونك عندما تقرأ لهم ولكنهم يصرفونك عنهم عندما تستمع إليهم. واختتم القاضي حديثه عن الشيخ ابن عقيل بقصة تبين كرمه كما هو كريم بعطاء عقله الذي يبذله للناس فلا يبخل عليهم بمعلومة أو يضن عليهم بعلم أو يمنع عنهم كتابا. نزوع نحو الاستقلالية قال عميد كلية المجتمع بجامعة الملك خالد بأبها رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد بن علي آل مريع "تميزت تجربة أبي عبد الرحمن بن عقيل بإحساس قوي بالذات، ونزوع إلى الاستقلالية على مستوى الشخصية وعلى مستوى الخيارات، وهذا انعكس على اختياراته الفقهية التي يرى فيها "التقليد" في مسائل الفقه مرجوحًا، وأن على العالم أن يحرر المسائل ويجتهد إن كان مستطيعا". وأضاف آل مريع أن السيرة الذاتية وتدوين الذات لا يكون إلا عن وعي عميق بها، ولذلك ذهب "جورج ماي" إلى أن السيرة الذاتية شكل من أشكال التعبير تختص به الثقافة الغربية، حرّضت عليه البيئة الثقافية الغربية وما فيها من تطور للفردانية. من جانبه، قال الدكتور محمد العوين "أصابتني الحيرة والتردد حين أردت النظر في أدب شيخنا أبي عبد الرحمن الظاهري ومن أين أتناول شخصيته؟ أتناوله عالما في الفقه والحديث والتفسير والتحقيق في الفلسفة والمنطق والديانات والتاريخ والأنساب والأسر والسير أم أتناوله شاعرا وأديبا وكاتب مقالة متفردة ما شبهها أحد أو تشبه أحدا، فليس هو الكاتب الصحفي أو اللغوي الفقيه أو السياسي أو الاجتماعي فحسب بل هو كل ذلك مجتمعا في مقالة واحدة في جل ما يكتب. وأضاف العوين أنه هو الأديب الناقد المطلع بذائقة عالية ووعي يقظ على التيارات والمدارس النقدية وروائع الأدب العالمي، فإن شئت ستجد لديه ما يشفي غليلك من درس لاتجاهات القصيدة العربية عند مجدديها مطلع النهضة الأدبية الحديثة بدءا بالسياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وصلاح عبد الصبور وأدونيس، ومرورا بالمراحل التي عبرتها القصيدة الأخيرة عند الرمانسيين كإبراهيم ناجي ومحمود حسن إسماعيل وأحمد رامي وما أضافته مدرستا أبولو والديوان من رؤى ولمحات، وما دخلتا فيه من صراعات مع تيار التحديث الذي كان ممتدا وزاحفا ليلغي شكل القصيدة التقليدية المتوارثة. وختم بالقول: أديبنا ابن عقيل هو الناقد القارئ كثيرا من أدب الشرق والمغرب أكثر مما يقرأ فيه من يمتلك لغات أجنبيه فلا تخفى إشارات عميقة في رؤاه النقدية لموقف أو مقولات أو إلماعات من الأدب الإنجليزي أو الفرنسي أو الأميركي أو غيره.