سلّط ملتقى التراث العمراني الوطني الخامس في منطقة القصيم، الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة، ومجموعة من الشركاء بالمنطقة، بمركز الملك خالد الحضاري في بريدة الأسبوع الماضي، الضوء على البناء بالطين، وهو من التطورات والتحولات التي يشهدها التراث الوطني في المملكة هذا العام بعد إقرار الدولة برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، وتأسيس شركة الضيافة والفنادق التراثية "نزل" التي ستعمل على مفهوم "تكامل التراث"، وبرنامج العناية بالمساجد التاريخية. ويعد الطين من أقدم مواد البناء التي عرفها الإنسان في شبه الجزيرة العربية، وزاد تطور استخدام الإنسان لهذه التقنيات في تشييد نماذج الأبنية على مر العصور. وتحتفظ شبه الجزيرة العربية بشواهد رائعة لمدن وبلدات بنيت من الطين، مثل الدرعية وسدوس في منطقة الرياض، ومدينة الهفوف في الأحساء، ومدينة العلا في الحجاز، وبلدة الخبراء في القصيم، وأيضا في نجران وحائل وتيماء وغيرها من القرى والبلدات في المملكة العربية السعودية. ويعد الطين مادة صديقة للبيئة، والبناء به يساعد على الحد من استنزاف الموارد، ويساعد في توفير الطاقة لتميزه في القدرة على تخزين الحرارة والبرودة. وستؤدي العودة للبناء به إلى خلق اقتصادات محلية، وتوفير فرص عمل. ويقوم مركز التراث العمراني الوطني بالهيئة العامة للسياحة بجهود كبيرة لإحياء البناء بالطين، وإعادة الاعتبار لتقنية البناء به من خلال أعمال بحثية وإدارية وأعمال فنية ميدانية، حيث ينظم المركز دورات للبناء بالطين لطلبة الجامعات والمعاهد وللمجتمعات المحلية، وتشجيع الأبحاث والدراسات عن مادة الطين وتوثيق تقنياتها وأساليبها، والاهتمام بترميم المباني الطينية التاريخية، والتركيز على البعد البيئي للبناء بالطين وإبراز جوانبه البيئية والاقتصادية، وإظهار البناء بالطين كحرفة، وإعادة الحياة للبلدات الطينية. ويسعى المركز بالتعاون مع الشركاء، مثل الجامعات وأمانات المناطق والبلديات إلى تفعيل مشروع توثيق أنظمة البناء بالطين، لتوثيق وتسجيل طرز وتقنيات البناء بالطين وإعداد كل المواصفات الفنية الخاصة به بحسب البيئة الجغرافية والاجتماعية لكل منطقة في المملكة.