كثرت حوادث التعنيف ضد الطفل في الآونة الأخيرة في مجتمعنا من آباء وأمهات لم يفرقوا بين "التأديب والتعذيب"، فلجأ بعضهم إلى اقتصار التربية على الضرب والشتم والإهانة كي لا يتعب نفسه بالمتابعة والتوجيه والإرشاد والموعظة الحسنة، وذلك بسبب الانشغال عن التربية الحقيقية التي أمرنا بها ديننا الحنيف. لا شك أن الإسلام أمرنا أن نعامل أطفالنا بالرحمة، وهي بوابة الدخول إلى نفوسهم وعقولهم، ومن ثم نستطيع التأثير فيهم بشكل إيجابي كما نريد. فكلمة التأديب مشتقة من كلمة (أدب) وهي وسيلة تربوية تحمل معنى إيجابيا وتكون بالمناقشة الهادفة وتوجيه الطفل عبر تعليمه من أخطائه بطريقة سليمة قويمة ليست عبر الصراخ والشتم، وإلزام الطفل بهذه القواعد السلوكية وضرورة اتباعها والالتزام بتحقيق الهدف للوالدين وتثقيف الطفل وتربيته في الوسط الأسري. مثلا: عندما يأتي طفلك بألفاظ غير سوية، فعلينا تأديبه أي توجيه سلوكه باستخدام عبارات بديلة عن الألفاظ غير السوية ومكافأته تشجيعيا في حالة ضبط سلوكه. فالتأديب والعقاب هما خيطان رفيعان لا يراهما الأهل أحيانا لكن الفرق شاسع في النتائج. أما اللجوء لاستخدام العنف وسوء المعاملة نتيجة سلوك خطأ من الطفل كالعقاب الجسدي والقسوة أو الشتم والإهانة فإنك بهذا قد حطمت شخصيته وأهنت النعمة التي وهبك الله، وستجد طفلك بالمستقبل عديم الشخصية وسهل الانجراف إلى مسلك آخر، وبهذا قد خنت ثلاث أمانات عظيمة وهي: أمانة الله عندما أودعها عندك لترعاه حق رعايته، وخنت طفلك الذي ينظر لك بعين الرحمة وليس بيده حيلة تجاه تصرفاته.. وخنت وطنك الذي كان ينتظر أن يكون هذا الطفل عالماً أو مهندساً أو طبيباً او معلماً لخدمة وطنه في المستقبل. العنف يتصف بالشدة والقسوة ويلحق الأذى المعنوي والجسدي ويكون ضحيته هو طفلكم، وقد ينتج عن هذا وفاة الطفل، وهناك بعض الحالات الكثيرة في مجتمعنا التي تطرقت لها وسائل الإعلام، وهناك حالات أكثر بقيت طي الكتمان، وقد ينتج عنه أيضاً اكتساب الطفل صفات شاذة وسلوك منحرف مثلما ذكرنا سالفاً. أعزائي الآباء والأمهات: قد ذكر الله الاستعانة بالصبر قبل الصلاة وهي ثاني ركن من أركان الإسلام (واستعينوا بالصبر والصلاة) وذلك لعظمتها أيضاً .. فبصبركم على توجيه أطفالكم العنيدين سيكرمكم الله عليه وسيبارك فيهم إن استمررتم بالتربية الصحيحة. فلا تيأسوا وتقولوا (عنيد ما ينفع معاه شيء) وإلى آخره من التشاؤم .. فمثلما اكتسب ذلك الطبع باستطاعتكم أيضاً تغييره من خلال استمراركم بإرشاده وتوجيهه كلما أخطأ، وتشجيعه على السلوك القيم، وألا تغفلوا عن جانب مهم وهو إفراغ طاقة الطفل بعد المدرسة بالألعاب البدنية والذهنية التي تجعله يفرغ طاقته بشيء إيجابي مفيد. وقبل الختام إليكم بعض النصائح والإرشادات للمعاملة الصحيحة للطفل: لا تقم بترديد الجانب السلبي من سلوكه حتى لا يصدقه فيتقمصه. امنحه فرصة ليعبر عن نفسه. عدم تقديم النصح أثناء الغضب أو الانفعال. عدم الاستهزاء بمظهره أو طريقة كلامه. المواظبة على المصارحة وحسن الاستماع. تثقيف نفسك عن المراحل العمرية لسن أطفالك. الصبر لأن الحالة النفسية تتغير بسرعة. غرس الاطمئنان الدائم والدعاء لهم وتقوية صلتهم بالله عز وجل. العدل في المعاملة بين الجميع. إبراز مشاعر الحب بكل الوسائل. الإخلاص لله تعالى في كل عمل تربوي اتجاه أبنائك. ختاما أذكر نفسي وإياكم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).