صباح أحد أيام نوفمبر المشؤوم، ها أنذا أرتشف قهوتي كالعادة، وأقرأ صحيفتي بروح عجوز تنتظر عزرائيل بلهفة. سنة الحزن شارفت على النهاية، لذا أكتب لأسرد خسائري في هذا العام الشاق. عام أخذ من عمري نصفه، عام شهد كثيرا من المجازر! انعدمت فيه الإنسانية، توسمت فيه نواصي الرجال بالعار، لن أسهب في الحديث عن صورة لا تفارق ذهني، لشهيد الهجرة، شهيد الشاطئ، ذلك الطفل السوري الذي أثبت للعالم أن الإنسانية لم تعد سوى مجرد شعار سياسي قبيح يلوّح به الغرب لالتهام مقدرات أمتي الهزيلة. عام استبيحت فيه بيوت الله للنيل من أهل الروضة والصفوف الأولى، ولمآرِبَ أخرى. عام قُتِل فيه الأب من ابنه ودُفِن البِر، والدافع يريد المتطرفون إيهامنا أنه استجابة لأمر الله ورسوله. قُتِل الخالُ والمُربِي أيضا، قُتِل ابنُ العم والأخ، قُتِل "مدوس" الذي هزت استغاثته الصخر ولم تهُز قلبك يا سعد، كل هؤلاء قُتِلوا بأي ذنب؟!.. أين العقول؟! غُيبت. أين المبادئ؟! فُقِدت. أين الرحمة؟! شُطِبت. إذًا ما الدِين؟! لا نعلم، ولكن نحن نُنفِذ ما أُمرنا به. من يأمرُكم؟ الله ورسوله. أهُناك بُرهان لقولكم من القرآن الكريم أو السنة النبوية؟! لم نجد أي دليل، إذًا كيف صدقتم هذه الخرافات؟ لا نعلم. خسائري في هذا العام كثيرة، ولكن لا تهمني، فقد خسِرتُ ما هو أعظم، لقد خسرت كثيرا من شباب أمتي!، وهذا الأمر يجعلُني أخشى ابن دمي قبل عدوي. للأسف، نحن نفقد عقول عماد هذه الأمة، والسبب غامض.