على الرغم من نبرة التفاؤل التي سادت حديث خبراء واقتصاديين تحدثوا ل"الوطن" أمس حيال قرار مجلس الوزراء القاضي بإحالة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته، حيث طغت التوقعات بانخفاض الأسعار حتى 50%، إلا أنهم أجمعوا على ضرورة عدم وضع أي استثناءات في القرار حتى يؤتي تطبيقه الثمار المرجوة منه بخفض الأسعار. انخفاض مرتقب الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري شدد في حديثه إلى "الوطن"، على ضرورة عدم وضع الاستثناءات في القرار، مضيفا أن الاستثناء في بعض الأراضي يحدث تضاربا حادا في السوق، كون الأراضي التي تخضع لتطبيق الرسوم ستشهد انخفاضا حادا، بينما ستشهد الأراضي الأخرى ارتفاعا حادا. وأشار العمري إلى أن من أهم الضوابط التي تجعل القرار فاعلا ويؤدي الهدف الأساس، شموليته لجميع المحافظات والمراكز بغض النظر عن توافر الخدمات من عدمها، كون الاستثناء يعطي إشارة للسوق بالسماح للمضاربات وتضخيم الأسعار في المناطق التي لا تشملها الرسوم. وتوقع العمري انخفاض أسعار العقار بعد تطبيق القرار إلى 50%، نظرا لوجود 60% من الأراضي البيضاء داخل المدن، إضافة إلى أن ما يتم تداوله من خلال صفقات السوق على موقع وزارة العدل لا تتجاوز 10% من الأراضي المجمدة، في حين أن المساحة التي تكفي المواطن للسكن تتراوح من 500 متر إلى 1000، وأحيانا تصل إلى 5 آلاف، الأمر الذي يعطي مرونة لتطبيق الرسوم على المساحات التي تبدأ من 5 آلاف فأكثر، لافتا إلى أن ما يزيد عن حاجة المواطن يتحول إلى الاستثمار أو ادخار أو المضاربة. وقال العمري إن عملية النزول تخدم الاقتصاد الوطني بشكل إيجابي وتنعش السوق وتغطي الاقتصاد بالسيولة التي يحتاجها، نظرا لوجود أكثر من 6 تريليونات ريال مخزنة في الأراضي البيضاء، ولم تقدم أي قيمة مضافة للاقتصاد.
تصحيح المسار من جهته، قال الخبير الاقتصادي برجس البرجس ل"الوطن"، إن الرسوم ستثير مخاوف تجار العقار وستوجه السوق إلى المسار الصحيح، مبينا أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك رسوم كنظام أو قانون أساس، لافتا إلى عدم وجود نظام يجبر المالك على سعر محدد، ما لم تكن هناك سلعة أساسية، مضيفا: "ولكن سيكون هناك آلية تفرض الرسوم على الأشخاص المستحقين وليس على المواطنين الذين قاموا بشراء تلك الأراضي بغرض إعمارها حتى وإن كانت على المدى البعيد بحسب ما يتوفر لديهم من المال". أما الاقتصادي راشد الفوزان، فاعتبر أن القرار سيركز على أصحاب الأراضي الكبيرة والمجمدة منذ فترات طويلة والتي لم تستثمر، مشيرا إلى أن الرسوم جاءت لإعادة استثمار تلك الأراضي أو التقيد بسداد رسومها، مؤكدا أن فرض الرسوم سيجبر تلك الأراضي للدخول إلى مجال الإسكان أو التجارة، وبالتالي يعاد استثمارها مجددا. وبين الفوزان أن آلية القرار ما زالت غير واضحة المعالم، ولا يعرف حجم تلك الرسوم وقيمتها وتاريخ فرضها أو الآليات الخاصة بها، ولكن التوقعات تقول إن لفرض الرسوم هدف رئيس وهو خفض الأسعار وتحريك الأراضي المجمدة وضخها في السوق، مفيدا أن تأثير القرار سيكون إيجابيا من خلال انخفاض العقار، متوقعا تطبيق الرسوم على سعر المتر لتحسب على مجمل مساحة الأرض.
انعكاسات إيجابية المتخصص في شؤون العقار محمد العبدالكريم قال إن القرار سيسهم في تنظيم العقار وخفض أسعاره، مشددا على أهمية تطبيقه بالشكل الجيد بعيدا عن التحايل من قبل بعض ملاك الأراضي بوضع مبان خفيفة ليهرب من رسوم الأراضي، فيما طالب عقاري آخر وهو سعد البقمي مجلس الشورى برفع ضريبة الأراضي، على أن تتجاوز الزكاة لتكون ذات فائدة على أسعار العقار وتنعكس إيجابا لمصلحة المواطن. التطبيق يبدأ ب10 آلاف متر مربع فأكثر الرياض: خالد الغربي بعد أيام من مطالبة المطورين العقاريين وزير الإسكان ماجد الحقيل بإحداث صدمة عقارية في السوق، أتى قرار مجلس الوزراء بإحالة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته وفقا لنظامه، والانتهاء من الدراسة خلال ثلاثين يوما، ليشكل صدمة حقيقية ليس للسوق فقط، بل للمطورين العقاريين أنفسهم، ما يجعل خيارات الاستثمار التقليدية التي أسهمت في غلاء الأسعار تتضاءل أمامهم وسط ترقب لانخفاض أسعار العقارات بما يعود بالنفع على طالبي المساكن. إنهاء التضخم وفي الوقت الذي كشف فيه مصدر مطلع ل"الوطن"، أن نطاق تطبيق فرض الرسوم يقتصر على الأراضي التي تقدر مساحتها ب10 مترمربع فما فوق، أوضح أن تطبيق القرار سيحرك السوق العقارية بتفتيت الأراضي، وهو ما يجعل السوق تعود إلى مستوياتها الطبيعية بعد تضخم كبير طيلة السنوات الماضية. وأكد المصدر أن قرار إحالة فرض الرسوم إلى مجلس الشورى أمس، والذي حدد 30 يوما لإنهاء الترتيبات النظامية، يمثل توجه حقيقي من الحكومة لتوفير معروض كبير من المنتجات السكنية، وخفض أسعارها ووصولها إلى أسعارها الحقيقة. وكان وزير الإسكان ماجد الحقيل قد اجتمع مع مطورين عقاريين الأسبوع الماضي في الرياض، حيث طالب العقاريون بإحداث صدمة عقارية وتخليصهم مما وصفوه ب"الركود". الشورى يشكل لجنة للدراسة الرياض، الدمام: رياض المسلم، هند الأحمد علمت "الوطن" أن مجلس الشورى سيعمل على تشكيل لجنة متخصصة من أجل دراسة تطبيق قرار مجلس الوزراء بفرض رسوم على الأراضي البيضاء وآلية عملها. وكشف مصدر مقرب من المجلس أن الشورى سيشكل لجنة يتكون أعضاؤها من اللجنة المالية في المجلس ولجنة الحج والإسكان والخدمات العامة لدراسة آلية التطبيق، مؤكدا أن اللجنة سيتم تشكيلها الأسبوع المقبل، ومن ثم البدء في عقد اجتماعاتها تهميدا لدراسة آلية تطبيق القرار. وبحسب أنظمة مجلس الشورى، فإنه سيتم التصويت على اللائحة التي ستتم دراستها وإعدادها من أعضاء اللجنة تحت قبة الشورى بالموافقة من عدمها، وحين الانتهاء من التصويت بالموافقة ووضع التعديلات التي سيضعها أعضاء المجلس. سيناريوهان للدراسة من جهته، وضع نائب رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة في حديثه إلى "الوطن" سيناريوهين لتعامل مجلس الشورى مع مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء المحال أمس من مجلس الوزراء، يتمثل الأول في توجيه رئيس مجلس الشورى المشروع للجنة قائمة متمثلة في اللجنة المالية بالمجلس، أو إنشاء لجنة متخصصة مكونة من أعضاء من كل اللجان لدراسة المشروع، مرجحا إحالة المشروع إلى اللجنة المالية. وقال ابن جمعة إن اللجنة المالية قادرة على الانتهاء من دراسة المشروع خلال الفترة المحددة ب30 يوما، مضيفا: "وبعد الانتهاء من الدراسة ستتم مناقشتها من كل الأعضاء في المجلس، وهم 150 عضوا وإجراء التعديلات عليها بحسب رأي الأغلبية ثم التصويت عليها بشكل نهائي، وبعد التصويت عليها برأي الأغلبية يحال من مجلس الشورى إلى خادم الحرمين الشريفين". الخبرات الدولية وأوضح ابن جمعة أن الأعضاء في المجلس سيستعينون خلال الدراسة بتجارب الدول في الخارج كتجربة ألمانيا ودول أخرى في أوروبا، والتي تفرض ضرائب على الأراضي غير المستخدمة لإجبار الملاك على استثمارهما أو بيعها، مضيفا: "ونحن سننظر إلى الأدوات والآليات المستخدمة في الدول الأخرى، إضافة إلى ما نراه ملائما لاقتصادنا ومجتمعنا". 5 إجراءات للتخلص من الأراضي البيضاء الرياض: فيصل السلطان رصدت جولة أجرتها "الوطن" في العاصمة الرياض أمس، عقب توجيه مجلس الوزراء مجلس الشورى بدراسة مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء لتطبيق القرار، استعداد ملاك الأراضي البيضاء لتطبيق القرار، حيث أفاد أصحاب مكاتب بأن ملاك الأراضي البيضاء وضعوا نصب أعينهم خمسة إجراءات أساسية للتخلص من الأراضي البيضاء بأقل خسارة ممكنة، تحوطا لتنفيذ القرار. ووفقا لجولة "الوطن"، تتمثل الإجراءات الخمسة في تسوير الأراضي حاليا "بدأت منذ نحو أربعة أشهر"، تطوير الأراضي من خلال تجهيز البنية التحتية تمهيدا لبيعها كقطع أراض، التنازل عن هوامش الربح العالي، البيع بأسرع وقت وأقل هامش ربح، وتحويل الأراضي إلى أراض تجارية، في خطوة يسعى من خلالها الملاك إلى تجنب تنفيذ القرار، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح. وخلال الجولة ذكر أصحاب مكاتب عقارية وإدارة أملاك أن حركة البيع والشراء مرت خلال العامين الماضيين بحالة ركود حادة، مشيرين إلى أن ملاك العقار يتعمدون رفع الأسعار داخل النطاق العمراني رغم قلة المعروض بعكس العروض التي تقع خارج النطاق السكني.